11 سبتمبر 2025
تسجيلمنذ أن تركت العمل كرئيس لتحرير جريدة البننسولا، ابتعدت عن الإعلام، وانشغلت كثيراً في أكبر جائزة ثقافية عربية وهي «جائزة كتارا للرواية العربية». ولربما كان أحد الأسباب الرئيسية لابتعادي عن السياسة والإعلام ما آلت إليه دول الربيع العربي، وما زرع فيها من حقد وكراهية من خلال وسائل الإعلام، وفقدانها للأمن والأمان حباً بالسلطة، فكان حلم الشعوب العربية كبيراً جداً، كاد أن يصل إلى السماء. لكن هناك أملا كبيرا في أن نعود ونعيد أمجادنا العربية، إذا فهمنا أننا بثقافتنا العربية نستطيع أن نحيا. فالثقافة ملك للشعوب وليس للحكومات، فهي أوسع وأرحب من السياسة لما تحويه من قيم ومبادئ سامية، وهي تخلق المحبة والترابط بين الشعوب. ربما تحاول بعض الأنظمة العربية تسييس الثقافة، ولكن الثقافة أبعد من أن ترتبط بالقرارات، فالشعر والفن والأدب تعبر الحدود السياسية وتصل لجميع الشعوب العربية. والجميل في الثقافة، أنها لا ترتبط بنتائج زمنية أو لحظية، بل تربطنا ببعضنا بعضا كالجسد الواحد، ولا تتغير مع المتغيرات السياسية الجارية في عالمنا العربي. بالثقافة نحيا.. عندما نستخدم لغة الضاد، فاللغة هي الثقافة الحقيقية التي نستطيع من خلالها أن نبحر بالتاريخ والجغرافيا في آن واحد، فالآداب والفنون تحيينا كشعوب عربية بعيداً عن سياستنا العربية الضيقة واللحظية. كم حفظنا من الأشعار وكم قرأنا في الأدب من قصة ورواية، وكيف انتقلنا في التاريخ من العصر الجاهلي مروراً بالعصر الإسلامي إلى عصرنا الحالي، وكم انتقلنا وتعرفنا على أدباء ومثقفين في شبه الجزيرة العربية، وبلاد الرافدين، والشام وأرض الكنانة، والمغرب العربي؛ حتى تعرفنا على شعراء وأدباء المهجر. فالثقافة هي ملك لنا جميعاً نتذوق فيها ونحيا بها. وفي النهاية، لا بد أن تكون ثقافتنا قوية، بعيدة عن المتاهات السياسية، وترتكز على حضارتنا، فنحن نعيش اليوم في ظل العولمة والعالم الافتراضي والقوى الأجنبية، حتى أصبحت الطائفية والعرقية تأكل من أجسادنا. علينا أن نؤثر وألا نتأثر، وأن نستخدم جميع الأدوات ونحارب من أجل ثقافتنا العربية لنحيا جميعاً، وأن نـقدر تاريخنا الثقافي، ونقيم حاضرنا، ونرسم الطريق إلى مستقبلنا الثقافي.