10 سبتمبر 2025
تسجيللا شك أن هناك فرق بين العمل الفنى والتوثيقى .. أو بمعنى آخر بين التاريخ من حيث هو علم والدراما بإعتبارها عملا فنيا .. وقد رأيت فى البداية أن أكتب هذه العبارة لأصل إلى المُبتغى من كتابة هذا المقال. وهذا - بطبيعة الحال - إستكمالا لما كنا كتبناه فى مقالينا السابقين عن رمضان والتلفاز وبمناسبة عرض بعض القنوات التليفزيونية فى رمضان الماضى أحد المسلسلات تحت عنوان "حارة اليهود" والذى يتعرض لحياة اليهود فى مصر فى فترة الأربعينيات من القرن الماضى .. فإنه من دواعى سرورنا أن نتناول موضوع اليهود بين الدراما والتاريخ. وكحقيقة تاريخية فقد عاش اليهود فى القرون الماضية وحتى منتصف القرن الماضى " إعلان قيام دولة إسرائيل " .. فى العديد من الدول العربية ومنها مصر وسوريا ولبنان والعراق والمغرب على سبيل المثال .. وكانوا يشكلون جزءا من منظومة كبيرة من شرائح مجتمعية مختلفة .. وإن كان معظمهم من الأثرياء ورجال المال .. ومن المعروف تاريخيا أن معظم اليهود – إن لم يكن جميعهم – كانوا يمتهنون المهن المتعلقة بالمال والتى تدر عليهم عوائد مالية كبيرة لإيمانهم المستقر فى أعماقهم أن الوطن الحقيقى هو المال .. وذلك لإنهم كانوا من كبار تجار الورق والأقمشة والملابس والأثاث وأصحاب الفنادق والمساهمين فى البنوك.. وعلى سبيل المثال إمتلاكهم للعديد من المحلات التجارية العملاقة فى العواصم المختلفة والمدن الكبرى مثل محلات شيكوريل وهانو وبنزايون والتى معناها فى العبرية " إبن صهيون " وكذلك محلات ريفولى وصيدناوى وشالون والذى من الواضح أنه إسم مشتق من كلمة " شالوم " بالعبرية .. ولن ننسى كذلك محلات شملا وبونتريمولى والصالون الأخضر وداود عدس وعمر أفندى وكان فيما مضى يسمى أروزدى باك .. ومن الطريف أن معظم هذه المتاجر لا تزال تحتفظ بأسمائها القديمة .. والأكثر طرافة هو إطلاق نفس الأسماء " اليهودية " على فروعها الجديدة فى التوسعات. أما عن الفنادق فقد كانوا أصحاب مينا هاوس وسان إستيفانو وسافوى وكونتيننتال وغيرها. وكانت مساهماتهم ظاهرة فى البنوك مثل البنك العقارى والبنك التجارى والذى كان يعرف ببنك التسليف الفرنسى والبنك الأهلى والمركزى وحتى بنك مصر الذى أسسه طلعت حرب كشركة مساهمة كان من أكبر المساهمين يوسف قطاوى سليل أحد أكبر العائلات اليهودية فى مصر والعالم العربى. ولم تكن الصحافة والفنون " القوة الناعمة " بعيدة عن مجال إهتمام اليهود .. فقد إمتلكوا العديد من الصحف فاق عددها الخمسىن صحيفة فى مصر وحدها وكان من أشهر الصحفيين يعقوب صنوع الذى كان يكتب تحت إسم " ابو نضارة " .. وفى الفن كانت ليلى مراد التى عرفت بأيقونة الغناء العربى وكذلك منير مراد وذكى مراد والملحن داود حسنى والمخرج والمنتج توجو مرزاحى والذى يعتبر من رواد السينما المصرية والعربية والذى أنتج العديد من الأفلام لعل أشهرها فيلم " سَلاَمَة " لأم كلثوم عام 1947 .. وفى مجال التمثيل كان هناك نجمة إبراهيم وسامية رشدى وكاميليا وراقية إبراهيم وإستيفان روستى. أما بالنسبة لدور اليهودى فى الدراما فقد كانت هناك شخصيات نمطية سادت الأعمال الفنية مثل طريقة الكلام .. أو " اللازمات " الصوتية والقوالب النمطية من القبعة اليهودية والأنف الأخنف ولم يحاول القائمون على تلك الأعمال الخروج عنها إما لإعتقادهم أن ذلك هو غاية المُراد .. أو – وذلك هو الأرجح – على سبيل عدم الرغبة فى بذل المجهود .. أو الإستسهال .. ونحن هنا نؤكد أننا نكتب عن الشخصيات فى الأعمال الدرامية وليس عن اليهود .. فهم بشر مثلنا يدينون بديانة سماوية .. ومن البديهى أننا لا يمكن أن نفرق – من حيث الشكل – بين مسلم ومسيحى ويهودى. نكتفى بهذا القدر فى هذا المقال على أمل أن نلتقى بكم فى مقالنا القادم لنستكمل باقى الموضوع.