13 سبتمبر 2025
تسجيلخطة جديدة للإنقاذ ينتهجها الاتحاد الأوروبي لإنقاذ ثالث أكبر بنوك البرتغال المتعثر من جراء ديون اليورو، التي ما زالت تبرح مكانها مع تفاقم الأوضاع الاقتصادية من الانهيارات المتتالية لبنوك أوروبا المتعسرة، إذ من المتوقع أن يقفز حجم مبلغ الإنقاذ إلى 4.9 مليار يورو، بهدف استعادة الثقة في الاستقرار المالي، ولضمان مواصلة إجراءات التحفيز، ولتجنب الآثار السلبية التي قد تحدث في السوق المالي. هذا البنك الذي بدأت بوادر خسائره تطفو على السطح، تقدر بأكثر من 3.57 مليار يورو، وتراجع أسهمه في السوق المالي، رغم برنامج الإنقاذ المالي الدولي الذي حصل عليه مسبقاً من قبل منطقة اليورو وصندوق النقد الدولي.الوضع الجديد أثار مخاوف الأسواق من انعكاس سلبي على آثار الديون المتفاقمة أصلا على أسواق أوروبا.في صورة أكثر قرباً.. فإنه رغم استعدادات البنك المركزي الأوروبي للتحرك لمساعدة اقتصادات اليورو المتعثرة، إلا أن السياسة النقدية لن تتمكن من تحقيق النمو الاقتصادي بسبب ضعف القدرة التنافسية للاقتصاد الأوروبي، وعدم وجود زيادة في الأجور، وارتفاع معدل البطالة.يلمح البنك الدولي في نشراته مؤخراً إلى أنّ أزمة الديون قد تشتعل مجدداً إذا لم تستغل الحكومات الوقت الذي أتاحه لها البنك المركزي الأوروبي لإصلاح اقتصاداتها، وترسيخ ميزانياتها، وأنّ الوقت هو لإعادة ترتيب السياسة النقدية، وتنفيذ إصلاحات هيكلية، بهدف تعزيز الميزانيات.وكانت ديون اليورو قد تراجعت لأول مرة منذ ما يقرب من 6 سنوات، حيث بينت النتائج أنّ الديون توقفت عن أقل من 9 تريليونات في الأشهر الأولى من العام الحالي، وتفيد إحصاءات مكتب الإحصاء الأوروبي أنّ اليونان وقبرص ولوكسمبورغ وإسبانيا تشهد بعض التحسن، فيما تراجعت ألمانيا وإيطاليا وفرنسا، وبقيت سلوفونيا كما هي.في المقابل تقدم المستوى الاقتصادي بمستويات عالية جداً من البطالة، وظل النمو هشا، ومن التوقعات المثيرة للقلق أنّ ديون اليورو قد تفاقم من الفجوة بين العمل والإصلاحات، وتزيد من أمد أزمة الركود في سوق العمل في أوروبا، وفي حال عدم اتخاذ سياسات واضحة.وأفاد صندوق النقد الدولي أنّ الانتعاش الاقتصادي هش وليس قوياً بما يكفي، والنشاط الاقتصادي لا يزال أقل من مستويات ما قبل الأزمة، وما زالت هناك حاجة إلى مستويات نمو أعلى منه بكثير من أجل خفض معدلات البطالة والدين.في أحدث إحصائية دولية نشرت في مايو 2014 بلغ التضخم 0.5% في اليورو، و0.6% في ألمانيا، و0.8% في فرنسا.وهناك قلق متزايد من أن منطقة اليورو قد تواجه انكماشاً اقتصادياً أو تراجعاً في الأسعار، مما يؤدي إلى أضرار اقتصادية بالغة. فالتعافي ما زال بطيئاً ونتائجه غير ملموسة، والاقتصادات المتقدمة تأثرت به بشكل ملحوظ، خاصة منطقة اليورو التي تشهد تغييرات هيكلية كبيرة في اقتصادها، من أجل تخطي الأزمة، إذ رغم نمو مؤشرات الأسواق المالية في أمريكا واليورو واليابان، ولكنها وقتية ومتباطئة، وسرعان ما تتقلب مع مخاوف المستثمرين.ولعل سبب تقلبات المستثمرين والمبادرين هو اعتماد الأسواق الآسيوية على مؤشرات النمو الأمريكية والأوروبية، التي من شأنها أن تضاعف الاعتماد عليها كبديل عنها، إلا أنّ التوتر الذي تشهده آسيا، قد يفاقم من المخاوف والقلق من انتقاله إليها، إلى جانب من تشهده منطقة الشرق الأوسط أصلاً من عدم استقرار.فالأوضاع الاقتصادية الجارية لا تأخذ صفة الاستقرار، إنما مرتبطة في الفكر الاقتصادي بمدى قدرة الوضع الحالي على اجتياز الأزمات، وكل ما يرتبط بالعملات والأسواق والأسهم هو معرض، دون شك، لمخاطر التذبذب.فقد طفت على السطح قضايا ملحة، أخذت لتفاقمها طابعاً إقليميا، وأصبحت مشكلات تتطلب حلولاً، مثل الأزمة الغذائية والتغير المناخي والديون المتراكمة وخلل الاقتصاد العربي والبطالة والإصلاحات الاقتصادية وتراجع النظام المالي العالمي.وانطلاقاً من الشعور الجماعي بدأت الدول تنحو إلى إيجاد أسواق بديلة تفتح بوابة الاستثمار البناء، وعقد شراكات بين مؤسسات وشركات، واستلهاماً لتجربة نجاح مبادرات الحكومات الآسيوية التي حفزت مؤسساتها بالمزيد من الشراكات مثل الهند والصين وآسيا.ويقترح البنك الأوروبي تقديم بعض التسهيلات باسم التيسير الكمي، وهي السياسة المستخدمة في محاولة تحفيز النمو من قبل البنوك الكبيرة في كل من بريطانيا وفرنسا واليابان والولايات المتحدة الأمريكية، كما عمد البنك الدولي إلى شراء سندات حكومية للتقليل من وطأة الديون.يفيد صندوق النقد الدولي أنّ الحكومات تحتاج إلى برامج إصلاح للمضيّ قدماً في تحسين بيئات العمل، وتعزيز منافسة الأسواق، وتحسين جودة السلع والخدمات. وذكرت في حديث سابق أنّ التسارع الأوروبي لإنقاذ سوق العمل الصناعي قد يكون مدعاة للابتكار في مجالات الترويج، وجذب الزبائن، واستعادة الثقة في السوق، إذ إنّ الابتكار عمل اقتصادي مهم، يؤدي إلى مفهوم جديد للإنتاج، وفتح منافذ سوقية أكثر تجاوباً مع المحيط العالمي.وفي رأيي أنّ الحل يكمن في التفكير النقدي لمشكلة اليورو، وأنّ المخاوف والقلق بشأن اتساع هذه الهوة، يعود إلى الوقوف أمام المشكلة وليس حلها، والجميع يسعى للتشخيص، بينما هي في حاجة للمبادرات الجادة والخطوات الفاعلة أكثر من أيّ وقت مضى، فالتعافي الحالي ليس مرضياً ولا مثمراً يحقق نتائج ملموسة.