29 أكتوبر 2025
تسجيلهل يستطيع أحد في مصر أن يقدم لنا إحصائية (دقيقة وصحيحة وموثوقا بها) بعدد الفصول الدراسية التي تضم ستين تلميذا ومساحات الغرف التي يدرسون بها وحالتها من حيث التهوية والتدفئة والإضاءة ؟ وهل يستطيع أحد في مصر أن يقدم لنا إحصائية (دقيقة وصحيحة وموثوقا بها) بعدد المدارس التي تعمل فترتين ، وتلك التي تعمل ثلاث فترات؟ وهل يستطيع أحد في مصر أن يقدم لنا إحصائية (دقيقة وصحيحة وموثوقا بها) بعدد المعلمين الذين يعانون من حالات صحية تبلغ حد العجز وما تزال القوانين تلزمهم المواظبة وممارسة المهنة – على الورق – في مدارسهم؟ و هل يستطيع أحد في مصر أن يقدم لنا إحصائية (دقيقة وصحيحة وموثوقا بها) بعدد مئات الآلاف من الجنيهات التي صرفت كمكافآت وأجور وحوافز لثلة معينة تحيط بكل من الوزيرين؟ وهل يستطيع أحد في مصر أن يقدم لنا إحصائية (دقيقة وصحيحة وموثوقا بها) بعدد المرات التي قام فيها أي أستاذ أو باحث مصري في أي من تلك المؤسسات البحثية التابعة للوزارة بدراسة ميدانية حقيقية حول وضع من الأوضاع السابقة أو ما يشابهها ؟ ويرينا كيف استعانت الوزارة بنتائج دراسته في حل مشكلة بعينها؟ و هل يستطيع أحد في مصر أن يقدم لنا إحصائية (دقيقة وصحيحة وموثوقا بها) بعدد التلاميذ الذين انقطعوا عن الدراسة لعدم قدرة أسرهم ماديا على مواجهة مصروفات التعليم؟ و هل يستطيع أحد في مصر أن يقدم لنا إحصائية (دقيقة وصحيحة وموثوقا بها) بعدد كبار موظفي وزارة التعليم العالي الذين يتقاضون (إكراميات !!!!!!) من مستشفيات جامعية تابعة لوزارتهم ؟ ومن معاهد عليا خاصة تابعة لوزارتهم؟ أو أولئك الذين عينوا ذويهم في تلك المعاهد الخاصة (ولو على الورق) لتسويغ تقاضي ال.... إكراميات !!! ؟ و هل يستطيع أحد في مصر أن يقدم لنا إحصائية (دقيقة وصحيحة وموثوقا بها) بعدد النواب والوزراء وكبار المسؤولين الذين يستصدرون التراخيص التجارية والتوكيلات بأسماء زوجاتهم وبناتهم وعماتهم وخالاتهم وبنات الأخ وبنات الأخت وأمهاتهم اللائي خلفنهم ؟ وحلائل أبنائهم ؟ لن يستطيع أحد – وأتحدى – أن يجيب سؤالا واحدا مما سبق . لأسباب كثيرة قد نفصلها في مقالات لاحقة . ولكنني ....إلى هؤلاء وهؤلاء أقدم النص الآتي المقتبس من افتتاحية صحيفة هاآرتس الصهيونية يوم 5/11/2007 : واجه المدرسون المتظاهرون منذ أكثر من ثلاثة أسابيع في مفترقات الطرق الرئيسية في أنحاء البلاد والذين يحتجون على وضع التعليم – واجهوا ظاهرة جديدة في الفترة الأخيرة، ألا وهي انضمام أولياء أمور وطلاب وغيرهم كثيرون إليهم، والإعراب عن التضامن معهم. صحيح أن بداية الاحتجاج كانت في الإضراب الذي اندلع في العاشر من أكتوبر، إلا أنه يشمل الآن جمهوراً غفيراً ومتنوعاً. حتى الآن شارك آلاف عديدة في عمليات الاحتجاج، التي لم تعد تتركز فقط في التظاهر ضد سياسة الحكومة في التعليم، وإنما تأخذ طابع النقاش المعمق حول وضع الهيئة التعليمية ووضع المدرسين في إسرائيل. يبرز الأمر بوجه خاص في المخيم الذي أقيم في "حديقة الورود" أمام الكنيست والذي يتركز فيه جانب كبير من الاحتجاج في القدس. يملأ مدرسون المخيم بالتناوب، حيث يلقون دروسا حول التضامن العمالي والمواطنة. ويجرون نقاشات واعية حول التعليم.. صحيح أن الأمر يتعلق بنتيجة جانبية للوهلة الأولى للإضراب. لكنها في حقيقة الأمر مهمة للغاية: فهذه هي المرة الأولى، منذ فترة كبيرة التي يجرى فيها في إسرائيل حوار "تربوي – قيمي" حول غايات التعليم، وحول طرق تحقيقها، وحول صعوبة التعليم في فصول تضم 40 تلميذا، وحول تأثير الاستقطاعات المالية الكبيرة على الساعات التدريسية في السنوات الماضية، وكذلك حول وضع المدرس. تجرى عمليات احتجاجية مماثلة في أماكن أخرى هي، في معظمها، ثمرة مبادرة محلية من المدرسين وأولياء الأمور على السواء، مما لاشك فيه أن الإضراب كشف عن عدم ارتياح للحالة التي وصلت لها الهيئة التعليمية. ويبدو أيضا أن الجمهور يعي أن الأمر لا يتعلق فقط بكفاح نقابة مهنية من أجل الأجور، وإنما القضية المحورية في هذا الكفاح تتعلق بالمجتمع كله. وعلى خلاف تخوفات مسئولين كبار في وزارتي المالية والتعليم، فإن الاحتجاج ليس موجهاً من فوق. صحيح أن نقابة مدرسي المرحلتين الإعدادية والثانوية تحاول التنسيق بين العمليات، لكنها لا تهيمن عليها ولا تملي جوهرها ، غير ذلك، لا يتردد المدرسون الذين ينظمون الاحتجاج في أنحاء البلاد في انتقاد كبار مسؤولي النقابة، ويبدو أنهم سيردون حتى بحدة إذا هم أبدوا استعداداً للتنازل عن مطالب من قبيل تقليص عدد التلاميذ في الفصول.. الحقيقة أن مسئولي النقابة يدركون ذلك، ولذا تعهدوا علنا بألا يقبلوا أي اقتراح لا يتضمن اهتماماً بمطالب تقليل عدد التلاميذ وإعادة الساعات التدريسية. حتى الآن ترفض الحكومة التعهد بذلك، رغم أن إضراب المدرسين في المدارس الثانوية، وفي جزء من المدارس الإعدادية، دخل أسبوعه الرابع، واستمراره منوط بقدر كبير بقرار محكمة العدل. ومهما يكن قرارها، فإن النتيجة البديهية للإضراب هي تفجر الحوار العام حول التعليم اللائق. ولكي ينتهي الإضراب، فإنه يتعين أيضا على وزارتي المالية والتعليم أن تعترفا بأن الأمر لم يعد يتعلق بكفاح حول زيادة في الأجر. لقد فهم الجمهور أن الهيئة التعليمية غارقة في أزمة عميقة تفوق قضية النسب التي ستضاف إلى أجور المدرسين. وبعد قراءة هذا النص: هل يستطيع أحد في مصر أن يقدم لنا إحصائية (دقيقة وصحيحة وموثوقا بها) بعدد من يهمهم أمر المقارنة بيننا وبين الصهاينة في شأن التعليم؟ إنهم يتظاهرون من أجل تخفيض عدد التلاميذ عن أربعين تلميذا!!! وأنا أعرف مدارس (يتكوم) فيها سبعون تلميذا في غرف ليست معدة لتكون فصولا بل لتكون مخازن!! ومع ذلك فإن معدل إنشاء المدارس الجديدة في تراجع مخيف منذ جاءنا عاطف ومن بعده نظيف. إن تعليم الصهاينة (بهذا الوعي الجماهيري وبهذا الحس الحكومي الذي لديهم) سيظل ولودا ودودا وستتبوأ جامعاتهم المراكز الأولى بأي مقاييس عالمية كما حدث عام 2003، وسيظل تعليمنا (بهذه الغفلة الجماهيرية وبهذا التبلد والغباء الحكومي المتوطن) عقيما.. عقيما.. عقيما !!!