10 سبتمبر 2025
تسجيلتمتلئ صفحات التاريخ بالقصص التي بُنيت على احداث واقعية غيرت ربما من شكل التفكير حينها او عدلت في مقاييس القناعات وقتها ولأن هذه القصص راسخة في عمق الذاكرة والتاريخ معاً فقد اصبحنا نتكئ بثقل ظروفنا على جدرانها البالية ظاهرياً والفولاذية من داخلها. ولأنها ليست مجرد قشة فالغالبية يتذكر قصة الرجل الذي لديه جمل ضخم وأراد أن يسافر به محملاً فجعل يضع متاعاً كثيراً فوق ظهر الجمل الذي بدأ يهتز من كثرة المتاع الثقيل وصار الناس يستنكرون ويصرخون بوجه صاحب الجمل بأنه يكفي ما حمّلت عليه، إلا أن صاحب الجمل لم يهتم لاستنكارهم ليأخذ حزمة صغيرة اخيرة من القش ويضعها فوق ظهر البعير باعتبارها خفيفة فما كان من الجمل إلا أن سقط أرضاً فتعجب بعض الناس قائلين «إنها القشة التي قصمت ظهر البعير». دعنا نتساءل سؤالاً هاماً جداً: هل القشة هي التي قصمت ظهر البعير ام الحمولة الزائدة عن الحد اساساً؟ ان المنطق يقول إن الأحمال الثقيلة هي التي قصمت ظهر البعير الذي لم يعد يحتمل الأمر فسقط على الأرض بعد القشة التي ادت الى انهيار الجمل وهذا يجعلنا ننظر في الواقع، فكم من شخص جرحناه بقصد وبدون قصد وظهر امامنا أن الأمر طبيعي وضحك معنا ولكن كان الجرح بداخلة كبيرا حتى باتت الكلمة الأخيرة المسيئة او التصرف غير اللائق مؤخراً ما أباد احتماله وأنهى صبره وقصم عشمه فينا، لذا لا ينبغي أن ننظر إلى السبب المباشر باعتباره السبب الحقيقي للمشكلة الكبرى، فالبركان الخامد يثور داخل الأرض، ولا ينفجر إلا «فجأة». لذلك لا تستهين بأي أمر يؤذيك نفسياً أو جسدياً أو فكرياً، ولا تقبل بالصمت والتسويف والقبول كارهاً، وإياك أن تقع تحت عبارات مزخرفة وجمل تدفع بك على الخوف من الخسران او الاعتراض أو غير ذلك. انا متأكدة وقد يتفق معي الجميع بأن الله عز وجل رحمن رحيم ولا يكلف نفساً إلا وسعها، ولكن بعض الناس يتكلفون فوق ما يطيقون ظناً منهم ان قدراتهم النفسية قبل الجسدية ستكون مُسعفاً لهم وان تحملهم سيكون موضع تقدير ممن حولهم حتى يجدوا انفسهم قد قصمت ظهورهم دون التفاتة ممن قصمها اصلاً، فلا تحمل نفسك فوق طاقتها وتتحمل كل شيء ظناً منك ان ذلك هو الصواب، لأنك ستكون مثل البعير الذي حمل ما لا يطيق فأصبح أهون شيء وهو القشة، تقصم ظهره، لأنه حمل ما لا يحتمل بحجة القوة والتحمل والتجمل بالصبر حتى سقط مكانه دون رحمة به او شفقة. أخيراً: حين يزيد الحمل على ظهرك فقد تقصم القشة قافلتك كلها!