14 سبتمبر 2025
تسجيلقيل الكثير من الكلام عن الضمير البشري، ودوره في تماسك العلاقات، والترابط الإنساني، والتمسك بالقيم والمبادئ. والضمير هو جوهر من جواهر وأسرار الإنسان، ويرى الفيلسوف اليوناني «أرسطو» أن «الضمير هو أقوى محكمة على الأرض»، ويقول الأديب الفلسطيني غسان كنفاني: «لو أراد الرجل أن يكون شجاعاً فليقم بمطاوعة ضميره»، ويعتقد نيلسون مانديلا بأن «مَن يملك ضميراً حياً لا يخشى أحداً». ومع هذه الأقوال الراقية وغيرها وجدنا الملايين من أصحاب الضمائر الحية، وهم يقفون بثبات ضد الجرائم الصهيونية المستمرة في غزة منذ سبعة أشهر!. وقد لاحظنا ملايين العرب والمسلمين من المعارضين لقتل أهالي غزة قد خرجوا في مظاهرات عارمة بداية معارك «طوفان الأقصى»، وبعدها خرجوا في مظاهرات خجولة هنا أو هناك، ثم بعدها دبّ الملل ليقتل غالبية تلك الفعاليات الضرورية وكأنه استسلام وهروب من مواجهة الواقع، وبعدها عاد كل إنسان ليمارس حياته بصورة طبيعية!. وبالمقابل رأينا بعض المواقف العربية والأجنبية الرصينة التي رفضت الاكتفاء بالمراقبة، ومن ذلك الوفد الطبي الكويتي الذي دخل غزة، وغيره من الكوادر الطبية العربية والأجنبية التي رفضت الهروب من الجحيم وآثروا مواجهة الهمجية الصهيونية والوقوف مع الجرحى في مستشفيات القطاع!. وقد دفع بعض الأجانب حياته وهو يعمل لمساعدة أهالي غزة، وفي الأول من نيسان/ أبريل 2024 قالت منظمة «وورلد سنترال كيتشن» غير الحكومية، إن سبعة أشخاص يعملون لصالحها، بينهم مواطنون من أستراليا، وبريطانيا، وبولندا، لقوا حتفهم في ضربة جوية «إسرائيلية» على غزة!. والمواقف الإنسانية الأجنبية في الوقوف مع مأساة غزة لا يمكن حصرها، وهنالك العديد من المدن الأوروبية لم تمل، أو تتوقف عن مظاهراتها المعارضة للحرب حتى اليوم!. ونهاية نيسان/ أبريل الماضي خرجت مظاهرات حاشدة في عدة دول أوروبية، ومنها العاصمة البريطانية لندن، ومدينة إسطنبول التركية، والعاصمة أنقرة، وبعض المدن الفرنسية، على رأسها العاصمة باريس، وكذلك العديد من المدن الهولندية والدنماركية والسويدية والنرويجية ومحيط البيت الأبيض الأمريكي ومدينة مونتريال الكندية، وأخيرا عواصم إسبانيا وألمانيا، وأستراليا واليابان!. والموقف الإنساني المذهل تمثل، حقيقة، بالحراك الطلابي الدولي المناصر لغزة حول العالم، حيث انطلق في أمريكا ووصل إلى المكسيك، وأستراليا، وأوروبا، واليوم هنالك محاولات مستميتة لإجهاضه في الولايات المتحدة. وقد أوقفت الشرطة الأمريكية أكثر من ألفي متظاهر في الجامعات الأمريكية خلال أسبوعين من الاحتجاج، وهنالك دعوات للتحقيق في تجاهل الشرطة هجوم مؤيدي الاحتلال على الطلاب المعتصمين بأمريكا. ومنذ ما يقرب من ثلاثة أسابيع يتواصل حراك طلابي في جامعات أمريكية وأوروبية رفضا لاستمرار الحرب «الإسرائيلية» على غزة والمطالبة بوقف دائم لإطلاق النار، ووقف المساعدات العسكرية الأمريكية «لإسرائيل»، وسحب استثمارات الجامعات مع الشركات الداعمة «لإسرائيل»، ووقف التعاون الأكاديمي مع الجامعات «الإسرائيلية»، والتراجع عن الإجراءات القمعية التي واكبت الحراك. إن هذه المواقف الإنسانية الطلابية وغيرها تؤكد أن الضمير الإنساني بخير، وأن الملايين من المواطنين الأوروبيين يرفضون همجية «إسرائيل»، ويقفون مع حقوق الفلسطينيين المدعومة بالقوانين الدولية وضمائر الأحرار في العالم. ونظّمت عدة طواقم طبية بداية أيار/ مايو الحالي في غزة «وقفة شكر» لطلاب جامعات أمريكية وأوروبية؛ لرفضهم حرب «إسرائيل» المتواصلة على القطاع للشهر السابع، والتي خلفت أكثر من» 40 ألف شهيد ومفقود معظمهم من الأطفال والنساء، وأكثر من 70 ألف جريح بينهم عدد كبير ممن أصيبوا بإعاقات دائمة»، شكرا لجميع أصحاب الضمائر الحيّة، وطلاب العالم في أمريكا وأوروبا الذين وقفوا مع غزة. فعلا جعلتمونا نخجل من أنفسنا!