12 سبتمبر 2025

تسجيل

مخاطر محدقة بالنمو الاقتصادي

06 مايو 2018

تحسين فرص الحصول على التمويلات في تقريره التحديثي حول آفاق النمو الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الذي أصدره قبل عدة أيام، حذر صندوق النقد الدولي من تحديين رئيسيين يواجهان النمو في دول مجلس التعاون الخليجي، هما الحاجة لاحتواء تنامي الدين العام، والحاجة للنمو الاحتوائي. فيلاحظ الصندوق أنه رغم أن الدين العام لا يزال في حدود يمكن التعامل معها في معظم دول المنطقة، فإن التراكم السريع للدين يعد من بواعث القلق، فقد ارتفع مستوى الدين بمتوسط ١٠ نقاط مئوية من إجمالي الناتج المحلي كل عام منذ عام ٢٠١٣، حيث قامت البلدان بتمويل عجز المالية العامة الكبير عن طريق الجمع بين عمليات السحب من الاحتياطيات الوقائية وزيادة الاقتراض المحلي والخارجي. وفي المرحلة المقبلة، هناك عدة عوامل من الأرجح أن تستمر في دفع الدين نحو الارتفاع، منها تباطؤ وتيرة الضبط المالي، وآفاق النمو المتواضعة والتشديد المتوقع نتيجة رفع سعر الفائدة مع إمكانية ارتفاع تكاليف التمويل في ظل السياسة النقدية في الاقتصادات المتقدمة. ولو نظرنا للاحتياجات التمويلية المتوقعة، فإنه من المتوقع أن يبلغ العجز في المالية العامة الكلي التراكمي ٢٩٤ مليار دولار في الفترة ٢٠١٨-٢٠٢٢، بينما يبلغ استهلاك الدين الحكومي التراكمي ٧١ مليار دولار في نفس الأفق الزمني مع تزايد تعرض بلدان المنطقة لمخاطر تشديد الأوضاع المالية العالمية. وعلى سبيل المثال، مع مراعاة إجمالي الاحتياجات التمويلية لعام ٢٠١٨، نجد أن ارتفاعا قدره ٢٠٠ نقطة أساس في أسعار الفائدة سيؤدي إلى زيادة في مدفوعات الفائدة تتراوح بين 0.1 % و0.6%، من إجمالي الناتج المحلي سنويا في البلدان المصدرة للنفط في منطقة الشرق الأوسط، مما يزيد من التحديات الحالية التي تواجه المالية العامة. وهناك مبلغ إضافي قدره ٣١٢ مليار دولار من الديون الدولية الصادرة عن جهات غير حكومية (حوالي ٤٠ % منها يخص شركات مملوكة للدولة) يستحق سدادها خلال السنوات الخمس القادمة.  أما فيما يخص النمو الاحتوائي، فيلاحظ الصندوق أن منطقة الشرق الأوسط ونظرا لطول أمد الصراعات الإقليمية، وهبوط أسعار السلع الأولية لعدة سنوات، وانخفاض الإنتاجية، وضعف الحوكمة وإجراءات التقشف ورفع الدعم، أدى ذلك كله ليس فقط إلى تباطؤ النمو الاقتصادي، وإنما أدى أيضا إلى تراجع المستوى المعيشي لفئات واسعة بما في ذلك الطبقة الوسطى وزيادة معدلات البطالة. فحوالي ٢٥% من الشباب يعانون من البطالة، كما أن احتمالات بحث النساء عن عمل أقل بمقدار ثلاثة أضعاف مقارنة بالرجال. لذلك، ومن أجل الاستفادة من فترة الانتعاش العالمي الراهنة يجب على بلدان المنطقة التعجيل بالإصلاحات لإعطاء دفعة للنمو وخلق فرص العمل، والاستفادة من مواهب شبابها ونسائها. كما يتوجب عليها مواصلة عجلة الإصلاحات ولاسيما في مجال زيادة الشفافية وتقوية المؤسسات لتحسين الحوكمة والتصدي للفساد وضمان المسؤولية عن السياسات الاحتوائية. كذلك العمل على إيجاد قطاع خاص أكثر حيوية من خلال تحسين فرص الحصول على التمويل وتحسين بيئة الأعمال مع تقليل الحواجز وتخفيف الروتين الإداري والاستفادة من إمكانات التكنولوجيا وتنمية التجارة لتوليد مصادر جديدة للنمو، وخلق فرص العمل، وتعزيز وزيادة الإنفاق الاجتماعي والاستثماري وتحسين جودته، واعتماد نظم ضريبية أكثر عدالة لدعم النمو وتحسين المستويات المعيشية للمواطنين وزيادة الإنصاف في توزيع عبء الإصلاح، إلى جانب الاستثمار في الموارد البشرية وإصلاح التعليم لتسليح العاملين بالمهارات اللازمة في الاقتصاد الجديد.