23 سبتمبر 2025

تسجيل

شهرُ الرحمة. ..   وجَوْر الطُغاة

06 مايو 2018

أحد عشر شهرا وقطر محاصرة من أشقائها، والبوصلة الزمنية لشهر رمضان بدأت في التنازل، وما بينهما مراهقة سياسة حمقاء من قادة دول الحصار الجائرة، هدموا كل القيم والأخلاقيات، وحوّلوا الفكر الإنساني من التفكير في البناء والمصالحة إلى التفكير في الهدم والفتن من خلال نشر الأباطيل والأكاذيب الإعلامية التي شغلت الفكر الخليجي، القائم على التسامح والتواصل والحب والإيثار إلى فكر آخر، يبحث عن ثغرة سلبية يدخل من خلالها لزرع الفتن وتأجيج المشاعر، والنيل من الآخر وإضراره، هكذا تزعزعت البنية الاجتماعية والأسرية التي تربط أبناء الخليج، و امتدت جسور المقاطعة بين الإخوة الأشقاء، لا صلة رحم ولا مشاركة أسرية في الأفراح والأحزان، هكذا زرعت دول الحصار خيوط التناحر والفرقة والسخافات الإعلامية بين من يربطهم وحدة الدم والنسب، حتى أصبحنا كالأيتام على مأدبة اللئام، تلتهمنا الدول العظمى بقراراتها وأسلحتها، وتحرّكنا أمريكا بخيوطها السياسية كدمى متحركة متى تشاء وأنّى تشاء وكيف تشاء، تحركات سياسية ومؤتمرات ولقاءات ومليارات دفعت، لكن لا جدوى في انفراج الأزمة الخليجية، يبقى السؤال، هل ستستمر هذه المقاطعة وتلك المضاربة وشهر رمضان على الأبواب والجميع ينتظره بفارغ الصبر لتأدية شعائره، أليس التسامح والعفو قيمتان يجب تعزيزهما قبل شهر رمضان المبارك، إذن لم تخرج هاتان القيمتان من المفاهيم الأخلاقية لدول الحصار! أليس الصلة والتواصل مع الأرحام دعم للأخوة خاصة في رمضان! وكلنا ندرك أن هذا الشهر الكريم فرصة لإذابة الخلافات والمقاطعات والخصومات، تعلمنا هذا المبدأ الاخلاقي منذ صغرنا، قال تعالى "فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ". وهذا وزير خارجية أمريكا الجديد، "بومبيو" قال: "إن الحصار الذي الذي تفرضه دول خليجية على قطر غير مقبول، داعيا لوقف التصعيد في الأزمة الخليجية، وأضاف أن الحصار يسبب تداعيات إنسانية غير مقصودة، خصوصا خلال شهر رمضان الكريم، وها نحن نستقبل شهر رمضان شهر التسامح والعفو وصلة الرحم وفض النزاعات ليتقبل الله صومنا وترفع أعمالنا، ومازالت دول الحصار الجائرة تُمارس غيّها وجبروتها، بالرغم من إدراكها بحرمة التدابر والتقاطع لصلة الرحم والشحناء بين الأخوة والأشقاء، ّدون احترام لشهر ربانّي فضيل، هو خير من ألف شهر، والذي معه يجب أن تنصهر كل الخلافات والأحقاد لتبدأ صفحة جديدة من التسامح والعفو، احتراما وتقديرا لشهر رمضان، وتنفيذا لأمر الله، فالمملكة العربية السعودية حاضنة البيت الحرام والبيت النبوي هي القدوة لتعزيز قيمة صلة الرحم وتحقيق التسامح، والتي دشنت عام 2017 مشروع "كيف تكون قدوة"، وقال الأمير خالد الفيصل "إن ديننا الإسلام، ودستورنا القرآن والسنة، ومناهجنا إسلامية، كذلك حياتنا إسلامية، فكيف لا نكون قدوة" إذن أين القدوة في الأزمة الخليجية! وكيف القدوة وهي تقود اليوم حملة المقاطعة بين الأسر والفجور في الخصومة، وكيف مازالت القرارات المجحفة من دول الحصار وإصدار قانون التعاطف مستمرا، مما ولّد لدى شعوبهم الخوف في التواصل مع أقربائهم. في قطر، بالإضافة إلى الصعوبات التي يواجهها المواطنون أثناء زيارتهم لأقاربهم.   نستقبل رمضان وقلوبنا مثقلة، بما يشهده واقعنا الخليّجي من أزمة فرضتها سياسة حمقاء متهورة بأهداف خبيثة ضاربة المصلحة المجتمعية والعلاقات الاسرية والاجتماعية عرض الحائط تحمل شعار "أنا والطوفان من بعدي"، لا يختلف ألم اليوم عن الأمس، حين قررت الدول الأربع الجائرة بغتة حصار قطر بضوء أخضر من الرئيس الامريكي ترامب في بداية الأزمة وفِي شهر رمضان، والتي كنا نتوقع إنهاءها في غضون أشهر قليلة، حتى طال عليها الأمد بسبب التعنت الفردي والقرار الفردي اللذين يطغيان على فكر قادة العرب دون إدراك أن استمرارها سيقود المنطقة إلى نتائج خطيرة وآثار مدمرة ضحاياها الشعوب التي تعاني أسرها اليوم من قساوة الفراق.  فكم من فرص ضائعة لم تستغل لإنهاء الأزمة، ولكن كما يقول المثل "في الصيف ضيَّعت اللبن"، كانت الوساطة الكويتية والقمة الخليجية في دولة الكويت، وكأس الخليج، واجتماع رؤساء مجلس الشورى، فرص للتصالح والحوار، ولكن التعنت والفشل شقا طريقهما في فكر من لا فكر له من قادة الدول المحاصرة. مما يدل على أن هناك من لا يريد أن تحل الأزمة، وبالرغم من ذلك نجد على الجانب الآخر اجتماع القيادات العسكرية. في السعودية. وذهاب وفد رفيع بقيادة رئيس الأركان، وذهاب وفد من الا تحاد القطري لكرة القدم إلى الإمارات لحضور قرعة بطولة كأس آسيا ورفع علم قطر، واجتماع المسؤولين عن المصارف المركزية في دولة الكويت. كل ذلك يناقض الإجراءات التي اتخذتها الدول الأربع في المقاطعة التي فرضت على قطر، كما أن اللقاءات الحميمية والمشاعر الأخوية التي تجمع الأسر الخليجية في بعض الدول خارج مجلس التعاون لا يمكن أن يلحقها قانون التعاطف ويصدّها قرار المنع، وهذا يدل عَلى أن العلاقات الأسرية والاجتماعية أقوى من أي قرارات سياسية مهما كانت قاسية، فهل ستعي دول الحصار أهمية صلة الأرحام في شهر رمضان ! وهل نرى ذباب التواصل الاجتماعي قد صفدت بواباتها نأمل ذلك!