14 سبتمبر 2025

تسجيل

التنمية والتمويل بين التحفيز والتراجع

06 مايو 2015

التنمية والتمويل يعتبران أولى خطى النمو وفق ما ترسمه رؤى السياسات الاقتصادية والدراسات الإستراتيجية الساعية إلى إرساء أرضية ممهدة من الإنتاج المتناغم مع متطلبات السوق.وهما مفهومان واسعان من حيث التعريف والتطبيق، وكلاهما يرتبطان ارتباطا وثيقا بعوامل عدة منها الدراسة والبحث والتنفيذ والرؤى المستقبلية.فالتنمية أخذت أشكالاً منها الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، وبرز مفهوم الاستدامة عندما بدأ عالمنا يتجه صوب البحث عن موارد متجددة.ترى الأمم المتحدة في تعريفها للتنمية كما نصت عليه في 1956 على أنها العمليات التي تقوم بها الحكومات والمجتمعات البشرية، لتحسين الأحوال الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ومساعدتها وتهيئتها على الاندماج في حياة الأمم، والإسهام في تقدمها بأفضل السبل الممكنة.أما التمويل فهو نظام مالي يقوم على أسس منهجية، تطبقه الحكومات وبيئات الأعمال في المشروعات، حيث يقاس حجم العمل الإنتاجي بمقدار التمويل الدافع له، فالتنمية الفعلية إذا لم تجد تمويلاً مناسباً يواكب مراحلها المتدرجة وتطبيقاتها في الواقع العملي سيكون مصيرها الإخفاق.والعكس إذا وجد التمويل السخي، ولم توضع الرؤى والإستراتيجيات القابلة للتطبيق، فسيكون هدراً لا فائدة مرجوة منه، فالإخفاق في رسم التنمية، والخلل في وضع آلية منظمة للتمويل يعني الرجوع إلى الوراء.تابعت مؤخراً ما تمخض عنه المؤتمر المصرفي العربي، الذي دعا إلى تأسيس صندوق استثماري عربي لدفع عجلة التنمية الاقتصادية، خاصة المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وإزالة المعوقات من أمام المستثمرين، وإيجاد تدفق مالي لمشروعات البنية التحتية القائمة.ولكن، يقف أمام هذا الحلم تحديات بالغة التعقيد، أهمها ما تمر به منطقة الشرق الأوسط من توترات سياسية، وعدم استقرار أمني، وتراجع الأداء الاقتصادي الذي يتطلب لعلاجه سنوات طوال.الوضع الراهن باعد بين التنمية وواقعية التطبيق، وانعكس على حجم الإنفاق، فالدول المتضررة من النزاعات السياسية هي في أمس الحاجة إلى تمويل حملات إغاثة ورعاية صحية وإعانة اجتماعية.التنمية بمفهومها الحقيقي لا تعني النمو التجاري فحسب، إنما تضافر المكونات الاجتماعية والثقافية والصحية والخدمية، لتساند القطاع الاقتصادي، فهذا يحفز مؤشرات النمو.كما استشهد هنا بصندوق النقد الدولي الذي أكد أن المستوى التعليمي المتقدم، هو الذي يحرز نتائج النمو القابل للاستمرارية على نطاق واسع، وهو الذي ينقل المجتمعات من استهلاكية إلى استثمارية.أضف إلى ذلك إستراتيجيات الإنفاق المالي قليلة العواقب، فهي تدفع أيضاً إلى مستوى متقدم من التنمية.في رؤية التخطيط التنموي القطري فإنّ المؤشرات الاقتصادية أحد المؤشرات المهمة للتنمية، وتعني تنمية مستدامة وهادفة، واقتصادا متنوعا من خلال استغلال أمثل للموارد الطبيعية المتاحة، بما يلبي احتياجات المجتمعات.محلياً مثلاً، تركز الدولة على الوضع المالي والقوى العاملة ومؤشرات التعليم والصحة، لتخرج بصياغة مناسبة لتنمية فاعلة.وفي مفهوم الرؤية الأوروبية، فإنّ التنمية هي تطوير الاقتصاد بما يتناسب مع حياة المجتمعات، لذلك تولي اهتماماً بالغاً بالإصلاحات الاجتماعية والمعاشات والتأمينات المالية، لكون هذا الجانب يكلف موازنات ضخمة، بينما في الشرق الأوسط فإن التنمية تتجه صوب الرعاية الصحية والتعليمية والخدمات المالية، وتأتي التأمينات الاجتماعية لتكون مكوناً تكميلياً.ويرى اقتصاديون أن بناء مجالات اقتصادية جديدة لابد وأن يبدأ من الدراسات الراصدة التي تقيس الوضع الحالي وتتنبأ بتوقعات للسوق، كما لابد أن تتوجه للفرد في تحفيزه على الشغف والابتكار ورغبة التنوع سعياً لإحداث تغيير فاعل، وتكثيف الدراسات على معرفة أذواق الزبائن نحو منتج ما فهذا يدفع الابتكار، وهذه هي التنمية التي تبدأ من الداخل أولاً، ويحركها الشغف والحاجة.التنمية اليوم تحولت من مفهوم النهوض بالاقتصاد إلى مفهوم يعنى بشمولية القطاعات، وبرز أمام هذا التوجه عقبات تهيئة مناخ الأعمال، ودعم السوق، وتفعيل الشراكات التجارية في محاولة للقفز على المشكلات التي قد تعترض طريق التنمية.