13 سبتمبر 2025

تسجيل

قطر... بعيون فرنسية

06 مايو 2013

تحدثت الأسبوع الماضي عن البعد الاقتصادي في الهجمة الإعلامية الفرنسية على قطر، وذات النعرة المستفحلة منذ فترة بوصف مساعي قطر الدبلوماسية لحل الأزمات بـ "دبلوماسية الشيكات" فضلاً عن التندر بحجم قطر ووصفها بالقزم رغم قوتها المالية. ترجع النبرة "تطور قطر" وما أسموه بـ"المعجزة القطرية" فقط "لجيوش المهاجرين الآسيويين والغربيين، الذين لم يكن أن تحصل الطفرة التنموية لولاهم، معتبرين أنهم لو غادروا البلاد، فإن كل شيء سيتحطم مثل قصر من ورق".. فوصفوها بـ "الدولة الهشة" نظراً لعدد سكانها الضئيل، الذي يمثل نقطة الضعف الأبرز رغم ثروتها الغازية الهائلة". إن الذهاب بطاقة قطر وإنجازاتها وإعجازها للأجانب وللأسف فيه تجنٍ وهضم لدولة ذات حكومة ورؤية وشعب رغم تواضع عدده يعمل لوطنه بإخلاص في نظرية وواقع دولة صغيرة حجماً وسكاناً "نعم"، ولكنها تؤمن كما غيرها من الدول "العملاقة" جغرافياً وديموغرافياً، حجماً وسكاناً أيضا بأهمية تكاملية العمل وتوظيف اليد العاملة المدفوعة الأجر في التنمية، هذا إذا تجاوزنا العمالة في قطر إلى الموظفين الأجانب — الذين تلمح التقارير الصحفية بفضلهم — وهم حقيقة يتقاضون في قطر رواتب مغرية تفوق ما يتقاضاه المواطن بالنظر إلى الامتيازات الأخرى المقدمة. إذن السؤال الذي يطرح نفسه هنا: لِمَنْ يعمل هؤلاء الأجانب؟ هل يعملون لأجل سواد عيون قطر وتنميتها أم لحاجة توافقت مع طموحاتهم المادية والمهنية وبعروض لو لم تناسب الفرد منهم ويبهره بريقها لهرع لدولة أخرى من جيران النفط مستنجداً بعرض أعلى أو على الأقل عاد أدراجه لوطنه. نطرح السؤال هنا ليجيبنا من يعيّر قطر بالاستعانة باليد العاملة الأجنبية في طرح لا يفتقر للمهنية والموضوعية فحسب بل ينضحُ بحقد دفين. اليد العاملة الأجنبية نظرية اقتصادية عامة وليست صناعة قطرية أو حتى نفطية، بل اعتمدت عليها دول متقدمة كبيرة، سواء كانت بالاستقدام او حتى توظفيها في دولها، كما هو الحال في اعتماد الدول الكبرى مثل "أمريكا، بريطانيا، فرنسا وغيرها" في التصنيع على تشغيل الأيدي العاملة الرخيصة في الدول المليونية سكاناً من "الصين والهند وسيرلانكا وفيتنام" في مصانع في دولها طلباً لتكلفة وأجرة أقل للحصول على انتاج اكبر للبيع في أسواق أعلى سعراً. أما السؤال عمن عمّر الدول الكبرى ذاتها وعمّر مبانيها منذ عهد الاستعمار وليس عهد الاستثمار او التشغيل بأجر وعدالة وإنسانية فإننا نوجه ذات السؤال لذات الصحافة التي أثارته، خصوصاً أن تقريراً إخبارياً ورد في الجزيرة بالأمس 5 مايو يؤكد أنّ "فرنسيين من أصول أجنبية يحتجون على "الإقصاء الاجتماعي" والتمييز العنصري الذي تمارسه المؤسسات الفرنسية ضدهم في التوظيف،خصوصاً في صفوف الجامعيين منهم بسبب أصولهم أو التنميط السائد عن سكان الضواحي". هذا وهم يحملون الجنسية الفرنسية أيضاً. فهل تشغيل العمالة غير الفرنسية في فرنسا مهنة أم سخرة؟ وهل يخضع تشغيلها للعدالة أم للتمييز العنصري؟ وهل بنيت القصور العاجية على السخرة أم التوظيف؟ في البُعد الإعلامي... نشرت ""Lemonde"،اللوموند" في ملحقها المستجد يوم السبت 20 أبريل تقريراً بعنوان "عالم عربي جديد" بدت فيه كلمات بوصف "قطر" مزعزعة استقرار أنظمة تعتبرها معادية لها وذلك عبر ما وصفته الصحيفة "ذراعها الإعلامية المسلّحة" الجزيرة، محللة همهمات طرحها أستاذ العلوم السياسية جيل كيبيل Gilles Kepel، في كتاب له بعنوان "شغف عربي"، الذي جنح فيه لنوايا لقطر مع الذين وصفتهم بـ "الإسلاميين" السنة، فُسِرت بطائفية أكثر من الطائفية. إنها هجمة مسلحة على قطر من قبل الإعلام الفرنسي الذي بدا "عسكراً وسلاحاً" بل مقاتلات مجندة هذا ولكي أذكر العسكر بالتاريخ... أنوه إلى أنني حملت في يدي كتاباً عن العكسر القديم "القنوات الغربية"، الذي تساءل: هل كانت "حرب الخليج الثانية" حرباً حقيقية أم وهمية؟؟ هل كانت واقعاً أم افتراضاً نقلته لنا فقط CNN؟ حقيقة... لم نكن نتلقى التقارير سوى منها ومن مراسلها الوحيد على تلك الأرض حينها "بيتر آرنت"، عندما كانت وحدها تغذي مساراً لكل قنوات الخليج المحلية الأرضية التي كنا جميعاً نتسمّر امامها بدواً وحضراً. وأحمل في يدي اليوم كتاباً أعكف على قراءته نشره أكاديميون من دول عدة من أمريكا والشرق الأوسط وحتى "دولة الاحتلال" تحت عنوان واحد: "New Media …New Middle East" الكتاب ليس وليد لحظته بل نشر عام 2007 متناولاً امثلة على تأثير الإعلام ليس التقليدي فحسب ولا الفضائيات الجديدة فقط بل من Bloggers" التدوين" أيضا منوهاً بـ مفعول السحر، الذي ستلعبه المدونات الحرة في التحولات الاجتماعية والسياسية، هذا قبل بروز ظاهرة الإعلام الجديد المتمثل في تويتر والفيس بوك. لقد تجاهلت صحافة "السباقون في الإعلام ومدارسه" أن كل "نظريات التحول الاجتماعي والاقتصادي وليس السياسي فحسب ناقشت ومنذ زمن أثر الإعلام بصفة عامة كاحد عوامل التغير فيهما جميعاً، بينما نسيت أن المستجد اليوم هو نظريات الإعلام الجديد"، الذي يُعدُ أبو الثورات. بل تغافلت أمية الحقد فيها عن دور الإعلام كمؤثر غير أحادي في المتغيرات بصفة عامة قبل بزوغ فجر الجزيرة دون أن توصم أدوات ذلك العهد بـ"القوات المسلحة" المنحاز لفئة دون أخرى لأنها كانت تملك تلك الساحات أدوات ولساناً. ولكن لم يعد العالم العربي رهيناً لشاشات CNN أو BBC أو أثير إذاعة مونت كارلو، النقلة علم وتاريخ أكبر من ذراع قطري.... والشعوب العربية وغيرها لم تعد مجندة إجبارياً لأثير أحادي... المشهد كبير والمسرح مفتوح للتحليل الإعلامي والسياسي فقط أمام الإعلام النزيه.