11 سبتمبر 2025

تسجيل

خلينا واضحين..

06 أبريل 2023

قد يبدو الوضوحُ في هذا الزمن كمعادلةٍ صعبةٍ أو كعملةٍ نادرة الوجود بين البشر إذا استُخدمت في مكانٍ خاطئ أو مع من لا يستحقها، فأنت بطريقةٍ أو بأخرى تكشف جزءاً منك أو من مكنوناتك للآخر، فلا تريد أن تكون مكشوفاً تماماً، ولا أن تكون غامضاً مريباً، لذلك فهناك حدود دقيقة جداً للوضوح حاول أن تبحث عنها لتنعم براحة البال. والوضوح الذي أعنيه ليس أن تكون كتاباً مفتوحاً للآخر، وليس أن تكشف عن ذاتك كما لو كشفتها أمام نفسك، ولا بقول كل شيء للآخر بأدق التفاصيل، إنما الوضوح قاعدة واسعة تشمل مواقف الحياة كلها وتنقذ العلاقة من الانزلاق بلا إفراط أو تفريط. والأمر لا يثير الحيرة ولا الشكّ والتساؤل ولا يستعصى على الفهم فنحن لا نطيق الغموض المبطن بالوضوح، والإنسان إن وجد نفسه أمام ظاهرة لم يستطع فهمها فهو يستكمل الصورة من خياله ويقدم تفسيراً من نفسه، ثم يُصدِّقهُ، ويكون بذلك قد تغلب على الغموض المنكود، ولكن قد يأخذه ذلك لتفسيراتٍ ليس لها أساس، فعلاقاتنا العديدة بالأصدقاء، بالأرحام، بالزملاء وبأي شخص يمر في حياتنا، تتطلب الوضوح وتستحقه ونفسك قبل كل ذلك تتطلب منك وضوحاً مع نفسك قبل كل شيء. وقد يصل الأمر بالبعض ممن يسلكون مسلك الوضوح في تعاملاتهم بالحرص على الكلمات التي يتلفظون بها لأنهم يعلمون أنهم سوف يحاسبون على ذلك أمام الله، فقد قال الله جل وعلا "مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ"، فكيف إن كان الوضوح مرتبطا بما تعِد به للآخر وتتعهد به أمام الله لأحدهم؟. وليرتاح ضميرك تذكّر أن الحياة دقائق فلا تخسرها بساعة نفاق، وضع الأمور مواضعها وكما نقول في عموم لهجتنا "ما ينفع نطق الطار مقلوب" ولأن الوضوح يختصر عليك علاقةً سامةً أو عملاً تقوم به أو حقاً لك أو واجباً عليك، فتريّث عزيزي القارئ فإن وضوحك أحياناً قد يجعل منك بلا قيمةٍ أمام من لا يُقدر هذه الصفة التي تحولت بسبب البعض للعنةٍ على صاحبها. أخيراً مهما اختلفنا «خلينا واضحين»، على الأقل حين تكشف الأيام جانبك الآخر تحت أي ظرف فلا يكن هذا الجانب "نِفاقاً مبطناً بالطبطبة".