10 سبتمبر 2025

تسجيل

الواقع بين الحقيقة والخيال

06 أبريل 2021

قد يمضي البعض سنة أو خمس سنوات في تخيل أمر ووضع السيناريوهات التي من الممكن أن يكون عليها، وأغلب تلك التخيلات تحمل مقتطفات سعيدة، وذلك نابع من رغبة الفرد إلى أن تكون له نهاية سعيدة أن يكون هنالك نور في نهاية النفق، أن يكون الوضع على الضفة الأخرى أكثر سعادة واستقرارا من الوضع الحالي. لذا نجد الأغلب يردد كلمة القادم أجمل، أو غدا تتعدل الأمور. لأن الإنسان بطبيعته متفائل وهذه الصفة تساعده على تجاوز العقبات. إحدى القصص التى أثرت فيني بنفس السياق هي قصة رواية ( غاتسبي العظيم ) والتى تصور لنا من خلال الأحداث الهوس الذي أصاب غاتسبي قبيل لقائه حبيبته دايزي التى ابتعد عنها ما يزيد على خمس سنوات، كان خلالها يحلم كل يوم بالطريقة التى سيتقابلان، بالشوق الذي سيرمي بها في أحضانه، إلا أن الواقع كان أقل كثيراً من خياله. وأقتبس هنا كلمات الكاتب في وصف هذه اللحظة: " لا ريب في أن لحظات قد مرت حتى خلال بعد الظهيرة ذلك اليوم سقطت خلالها دايزي من أحلامه - ليس بسبب خطأ ارتكبته بل بسبب الحيوية الهائلة لوهمه... لا يمكن لأي مقدار من النار أو النظارة أن يتحدى مما يستطيع الإنسان أن يخزنه في قلبه الغامض". أيعقل أن يكون الإنسان أخطر عدو لنفسه، وهذا ما نراه في أكثر من موقف ورواية أو قصة، إن الشرور التى قد يلحقها بك الآخرون لا يمكن أن تكون بمقدار السوء والضرر من تلك التي قد تلحقها بذاتك، وقد نرى هذا الأمر من خلال عدة أوجه منها حين نتخلف عن الدراسة ظناً أننا بذلك نكسب ساعات من المرح، والواقع أننا نضر بمستقبلنا القادم قبل أن يبدأ، كأن نضع كامل ثقتنا في شخص أو مشروع معين دون أن تكون لدينا خطة بديلة، مما قد يتسبب في انهيار لرصيدنا المالي وثقتنا في قدراتنا. حين نصادق أولئك الذين خذلونا مراراً ومراراً بدافع الطيبة وأن "الدنيا ما تستاهل" إلا أننا نحن لا نستحق أن نعامل بهذا القدر من الدونية لأي سبب كان. والأمثلة كثيرة من هذا النوع. من خلال تجربتي اكتشفت أن الجميع في حالة ذهان ذاتي، الجميع يحاول الوصول إلى هدف معين وفق إطاره الزمني الخاص، ومن خلال سعيهم لا أحد يكترث أو قد يكترث ببوصلتك الزمنية أو طموحاتك، أو حتى خيالك. كلٌ يسير وفق مسار محدد كأن يصل إلى حالة اجتماعية، وظيفية، نفسية أفضل.. سمها ما شئت كلٌ يود أن يصل إلى وجهة أفضل. لا يوجد من تستطيع أن تطلب منه التوقف بجانبك والأخذ بيدك. الجميع في مرحلة انتقالية من حال إلى حال، لذا نجد أن الاسهاب في الخيال أو أي فعل لا يمكن أن يعود عليك بالمنفعة. تعلم ترك الأمور لخالقها فهو الأحق بتولي الخلق ولا تعول كثيراً على الأمر. [email protected] @shaikhahamadq