13 سبتمبر 2025
تسجيلللأسف إننا أحياناً لا نعرف ماذا نريد من هذه الحياة ولا نفكر ماذا سيبقى لنا وماذا سنورث بل إن الكثير منا يلهث خلف كل الرغبات دون لحظة تفكير، يقف فيها مع نفسه ليقول لها ماذا تريدين أيتها النفس؟ وإلى أين ماضية وما هو منتهاك؟ ولعلي أجزم أن الكثير منا بل الغالبية ممن سيقرأون هذه الأسطر لم يفكروا ولم يعطوا أنفسهم هذه اللحظة الثمينة التي من خلالها يرتاح العقل وتهدأ الأنفس وتسكن الأرواح، لنعود ونقرأ قصة يوسف التي يرويها الله -سبحانه وتعالى- فالمتحدث هنا والراوي هو الله، هل تعلمون ماذا يعني الله؟ تفكروا في هذا قليلاً.في تلك القصة لم يروِ لنا الله ممن تزوج يوسف؟ أم كم له من الأبناء أو ما ورثه من الأموال والأملاك؟ وهو الذي تولى خزائن مصر ولم تذكر القصة تفاصيل حكمه ولا مدتها، فكل ذلك لا يمثل حقيقة التاريخ ولكن القصة الربانية كانت تتحدث عن الأخلاق بما فيها من الأمانة والتسامح والإحسان والعفو، لذلك كانت قصة تروى في كتاب الله -عز وجل- وليقول لنا الله إن الأخلاق هي الموروث الحقيقي الذي يسجل لكم في الدين والدنيا.إن السؤال المهم الذي لابد أن نطرحه على أنفسنا كل ليلة ماذا فعلنا بأنفسنا؟ ماذا صنعنا وما هو الأثر الذي سنتركه هنا أو هناك؟.الأخلاق بكل ما تعنيه هذه الكلمة هي الإنجاز الأول، والأساس الذي يبنى عليه كل أمر وكل مجد وكل علم فعندما مدح الله -عز وجل- رسوله محمد -عليه الصلاة والسلام- قال عنه ( وإنك لعلى خلق عظيم )، فالأخلاق عَظَمة في الدنيا والآخرة وقال -عليه الصلاة والسلام- ( إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم، فليسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق ) وقال ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق )، فالأخلاق حقيقة لا يمكن لأحد تصنعها لأنها تنمو وتتفاعل وتخرج من داخل النفس، ولا يمكن لنفس أن تتصنع الأخلاق، لأنها لا تقبل التصنع فهي فطرة ومنهج وثقافة تخرج من أعماق النفس تشكلها البيئة والمجتمع وهي أساس التربية ولا يمكن أن تكون الأخلاق تلقينا يلقن بل هي ممارسة وجدانية لا يمكن أن تشكل في داخلنا إلا بالقناعة والإيمان التام.ولعل الأمراض النفسية التي هي أشد فتكاً من الأمراض الجسدية لا تنشأ إلا بانعدام الأخلاق، فحينها يظهر الحقد والحسد والكراهية وتتمرد النفس فتختفي الأمانة ويقل العفو ويدفن الإحسان وتصبح النفس حبيسة الشهوات ومعراجها الذي ينتهي بها لتكون نفسا تحرق نفسها بنفسها.الأخلاق هي أساس المجتمع والعلم والعمل، والتعامل بها أساس النجاح وطريق للتوفيق ومصنع للتاريخ وكرم نقدمه للناس جميعا، ومفتاح الخير وعنوان السلامة بل هي حرية للنفس والغذاء اليومي للروح وباب الحكمة ونور للعقل.