28 أكتوبر 2025
تسجيلإخال أن أخطر خلل ينتاب الحراك الفكري بين أبناء الأمة يكمن في إصرار كل شخص أو فئة أو تيار أو جماعة أو حزب أو مذهب على أنه الأكثر فهماً وإحاطة بتعاليم الإسلام . ذلك وفق اعتقاده أنه الأكثر ائتمانا على قيم الإسلام ومبادئه والأخلص في الثبات عليه والدفاع عن حرماته.. والأجدر في تطبيق رسالته وتحقيق مقاصده.. وأنه المؤتمن الوحيد على هوية الأمة ومصالحها وسيادتها وارتقائها. وهذا يعني أنه مرجعية الإسلام الوحيدة في فهمه وترجمة قيمه ومبادئه.. وأن الأمة لا تهنأ إلا به دون غيره ..وبه تستمر.. وبه تصان سيادتها.. وبه تتحقق طموحاتها.. وبه تكون خير أمة أخرجت للناس. إن مثل هذا الادعاء لهو تعميم الذات وتزكيتها على الله سبحانه وتعالى .. ولو أجرى هؤلاء الإخوة من المسلمين مراجعة لأقوال السلف الصالح، وفكر أحدهم ولو للحظة واحدة على هذا النحو المعتدل لاعتدل وضع الأمة وزالت بذلك تلك الخلافات المذهبية والنعرات الخبيثة التي استشرت في الأبناء وجعلت من الإخوة اعداء واستفحلت إلى ما وصلنا به إلى هذا الحال المزري . لو أننا رجعنا إلى السلف الصالح واستعدنا أقوال الصحابة رضي الله عنهم مثل قول أبي بكر الصديق رضي الله عنه يوم بيعته: أيها الناس إني قد وليت عليكم ولست بخيركم فإن أحسنت فأعينوني وإن أسئت فقوموني. ألم يعلموا أن أئمة المذاهب الإسلامية أجمعوا على منهجية "قولي صواب يحتمل الخطأ وقول غيري خطأ يحتمل الصواب" أو لم يعلموا أن أهل العلم اجتمعت كلمتهم على القاعدة الفقهية "كلٌّ يؤخذ من كلامه ويرد إلا المعصوم عليه الصلاة والسلام" لو أمعنا في المشاهد التي تتراءى أمامنا كل يوم من قتل وسفك دماء وتدمير في الحل والحلال، وإزهاق للأنفس الزكية البريئة بتشريدهم في الفيافي إلى المجهول تاركين منازلهم وديارهم واستقرارهم وهو حق مشروع للحياة، كل ذلك من أجل صراعات مذهبية دخيلة أجبرت الأخ على قتل أخيه بعيدا عن قيم الإسلام وتعاليمه حيث أسس منهجا لحفظ كرامة الإنسان التي أهدرت بسبب تلك الشرذمة الضالة عن الطريق القويم. الرجوع إلى جادة الطريق والإجماع على كلمة سواء وترك النعرة الجاهلية المستشرية لهو الحل لإعادة الأمة إلى صوابها، نتمنى أن يجتمع أهل الخير من رجالات الأمة المعقود على ناصيتهم تقويم هذا الاعوجاج وترتيب بيت المسلمين من الداخل، لكي يصلح الحال وتزول هذه الغمة وإرجاع الناس إلى ديارهم حتى وهي خاوية على عروشها، المهم أن يعودوا سالمين آمنين، فبذلك سوف يزول النكد ويعم السلام والاطمئنان لهؤلاء المشردين من ديارهم كي يبدأوا العمل من جديد . أجل إن تعميم الذات والرأي لآفة مدمرة، ولا علاج لها إلا العلم والرشد والتواضع لله والحب الخالص في الله تعالى. وسلامتكم