15 سبتمبر 2025
تسجيلتشكل الوعي الفني عندي باكراً، اذكر انني كنت استمع إلى اذاعة البحرين في منتصف الستينيات وهي اول اذاعة خليجية على ما اعتقد، ورسخت في ذهني اغنية « كلمة ولو جبر خاطر ولا سلام من بعيد» يؤديها الفنان البحريني عيسى بدر، وعلمت بعد ذلك انها للفنان اليمني محمد سعد عبدالله، وغناها بعده كثيرون، ايضاً كنت استمع الى « اسطوانات» كان يأتي بها بعض الأهل من السعودية، لأغانٍ لا تزال باقية في ذاكرتي، مثل « وطني الحبيب وما احب سواه» لطلال المداح، و» يقول الشمري» لمطرب قديم اسمه فرج المبروك، «وابكي على ماجرالي ياهلي» لطارق عبدالحكيم، لم تتجه ذائقتي للأغنية العربية» المصرية والشامية» إلا بعد ظهور السينما والافلام التي كانت تعرض في بيوت أو قصور بعض الشخصيات من أهل قطر في ذلك الحين، أوبريت مثل « بساط الريح» لفريد الأطرش، واغنية « على بلد المحبوب وديني» لام كلثوم وغير ذلك من اغاني الافلام لمحمد عبد الوهاب وغيره من الفنانين مع عبدالحليم حافظ، دشن فيلم « أبي فوق الشجرة» عصره، جماهيرياً مع « جانا الهوى جانا» وغيرها من الاغاني العديدة في ذلك الفيلم العلامة في تاريخ السينما العربية في اواخر الستينيات،، من الشام كان هناك وديع الصافي وبالطبع فيروز وفهد بلان، ومن الكويت، عبد الحميد السيد بالحانه،»يا هلي» لعبد الحليم، ويا من يسلم لي على الغالي» لهيام يونس سجل اسمه في الذاكرة لذلك الجيل بالإضافة الى سعود الراشد وعوض دوخي، الذي بودي الاشارة اليه هو ان المذياع كان اول مصادر التلقي التي نشأ ذوقي عليها وبعده تأتي الافلام المصرية القديمة، ثم التلفزيون بعد ذلك ونقل حفلات السيدة ام كلثوم، وعبد الحليم وفريد ويشاء الله ان ينتقل الثلاثة إلى رحمته في فترة متقاربة جداً، فريد في اواخر عام ٧٤، وام كلثوم في فبراير ٧٥، وعبد الحليم في ابريل ٧٧، والجدير بالذكر ان السبعينيات كذلك شهدت تنافساً كبيراً بين طلال المداح ومحمد عبده كان مجاله لبنان ومصر، لا انسى كذلك وردة وبليغ في تلك الفترة ولا يمكن ان اتجاوز نجاة الصغيرة وصوتها وذائقتها الفنية التي شهد بها كبار الملحنين، كان عصراً فنياً عظيماً، كنت من المحظوظين الذين عايشوا ابداعاته، اليوم هناك مطربون ومطربات كثر إلا انهم في الاغلب انحدروا بذائقة الناس، قليل جداً منهم من تستمع إليه بأذنيك، الأغلبية عليك ان تستخدم جميع حواسك لتدرك انه فعلاً يغني لا يؤدي عملاً آخر، الحديث يطول هنا عن عمالقة رحلوا لم ولن يستطيع ان يعوضهم زمننا الحالي، الفن يكشف الحقيقة لا يُهزم مجتمع فنه راق وذائقته عالية لان ثمة ارتباطا جازما بين الروح المعنوية التي يكشف عنها الفن والارادة ينهزم المجتمع حينما يتدهور الفن فيه ويصبح تسولاً ولم يعد يعبر عن حقيقة ما يملكه من ارادة … والله زمان يا فن.