16 أكتوبر 2025
تسجيليزداد الاهتمام بالقراءة يوما بعد يوم ونرى العديد من المشاريع و المبادرات الداعمة والتي تهدف إلى جعل القراءة قيمة اجتماعية وتحويلها إلى عادة على مستوى الممارسات الفردية والجماعية، فلا يخفى على فصيح مدى أهمية القراءة كأساس من أسس التكوين المعرفي ووسيلة للاتصال المباشر بالمعارف الإنسانية في ماضيها وحاضرها، والاتصال بعقول الآخرين والتفاعل مع أفكارهم، فليس كمثل القراءة وسيلة تسهم في تكوين الشخصية الإنسانية بأبعادها المختلفة من خلال تنمية القدرات الفكرية واللغوية والتعبيرية، وبحسب مفهوم القراءة الحديث والذي يعرفها بأنها "عملية فكرية عقلية يتفاعل معها القارئ فيفهم ما يقرأ وينقده ويستخدمه في حل ما يواجهه من مشكلات وينتفع به في المواقف المختلفة"؛ فإذا كان هذا المفهوم الدقيق هو الذي يعبر عن معنى القراءة الصحيح فما هو ذلك المحتوى النوعي الذي يُمَكِّنُني من حل ما يواجهني من مشكلات في حياتي ويجعلني قادرا على إعمال أداة التفضيل وهي (العقل) الذي كرمني الله به عن غيري من سائر المخلوقات؟. ثم بدأت أتساءل من جديد؛ هل القراءة مهمة لذاتها أو بمضمونها، فخطر لي قول رب العزة في محكم التنزيل في قوله " اقرأ" ثم تبعها سبحانه "باسم ربك الذي خلق" فعرفت أن فعل القراءة وأهميته مرتبط بنوعية المحتوى المقروء (موضوع القراءة) ومدى جودته، ونوعية فعل القراءة (كيفية القراءة) والتي تقتضي الفهم والتحليل والنقد كما تقتضي الاستمتاع بالمادة المقروءة، وحسن تذوقها. وتعتبر البيئة القرائية غير الجاذبة سواء في البيت أو المرافق العامة، و طريقة التعامل مع الكتاب المدرسي إذا كان لا يسمح بفتح أفاقا للأسئلة والحوار ويشجع على التلقين، من أبرز إشكاليات القراءة، ونظرة البعض الذين لا يرون أن هناك حاجة ماسة للاعتناء بالقراءة المنتقاة، ففي تصورهم أن الإعلام المرئي أو تناول بعض المقاطع المفيدة من خلال أجهزة الهاتف المحمول يمكنها أن تكون بديلا عن المعرفة القرائية النوعية، وعوضا عن الكتاب المتكامل. وفي الحقيقة والأمر المهم الذي يجب أن ندركه أن الكتاب النوعي هو الكتاب الذي يغني عن سواه في مجاله، ولا يكفيه أن نقرأه مرة واحدة، ولا يكرر ما سبقه من الكتب، كما أنه لا يتناول نفس الأفكار المتداولة، والأهم من ذلك أن يكون جديدا في مضمونه وليس في غلافه. فإذا وجدتم هذا النوع من الكتب فلا تترددوا في قراءتها أكثر من مرة وتأملوها فهذه الكتب هي التي تغذي الروح.. وتبني العقل..وتهذب النفس.. واحذروا من تضييع أوقاتكم في كتب التكرار والاجترار. دمتم سالمين