12 سبتمبر 2025

تسجيل

"انفجار البحرين" وأمن الخليج العربي

06 مارس 2014

تفجير الإثنين الماضي في البحرين الشقيقة ومقتل رجال الأمن الثلاثة، وجرح آخرين، كان بمثابة زلزال صدمنا وأحزننا، والذي أدرجت مملكة البحرين على إثره ثلاث جماعات على قوائم "المنظمات الإرهابية" هي "ائتلاف 14 فبراير" و"سرايا الأشتر" و"سرايا المقاومة" ومن والاهم وعاونهم.. أدان وزراء خارجية دول مجلس التعاون المجتمعون في الرياض "العمل الإجرامي الجبان"، ومما لا شك فيه أن هناك فئات مدسوسة على الخليج مزروعة ومستخدمة، ما فتئت تهدف الى زعزعة أمن البحرين والساحل الشرقي للخليج العربي بل ودوله قاطبة.. نكرر "الخليج العربي" وليس "الفارسي".كنا نتوقع ان تحرك الأزمة دول الخليج لموقف موحد ضد هذه الجماعات وأوليائها.. أن تحرك من له مع جهات ولاءاتها منازعات عدة سواء تعلقت بجزر مغتصبة، أو بخلايا وحركات مزروعة ما فتئت تقضُّ مضاجع أمنها منذ عام 2011. ولكننا للأسف وجدنا فيما يبدو ان البوصلة قد ضلت طريقها بسحب السعودية والإمارات والبحرين سفراءهم من شقيقتهم قطر، بدعاوى غير منطقية.. ولأن الشيء بالشيء يذكر، ومنذ عام تقريبا في غضون اسبوع واحد من أبريل على وجه الخصوص، تأثرت دول ساحل الخليج العربي بهزات ارتدادية إثر هزتين أرضيتيين بدرجتي 6.5، و7.6 على مقياس ريختر ضربتا جنوبي شرقي إيران وإقليم بوشهر المحاذي جداً لساحل الخليج العربي، الذي يحتضن مفاعل ايران النووي.وقتها صاح المحللون بأن ساحل الخليج العربي مهدد بشكل أكبر من منطقة وجوده "ايران" حال حدوث تسرب نظراً للقرب الجغرافي للمفاعل من الخليج، ولافتقاره لمعايير الأمان، وعدم شفافية الأنشطة والأهداف الإيرانية.ولكأن الخليج يعاني اليوم ارتدادا مماثلا بل أكبر، من ذات المصدر، ولكن بشكل سياسي آخر، فقد "تعددت الهزّات والمصدر واحد"في انفجار المنامة، تبنت السرايا الأخيرة في بيانين منفصلين المسؤولية عن التفجير في لهجة جديدة، دخلت معجم الخليج العربي غير الأعجمي، رغم طاولة الحوار الممتدة التي تبنتها حكومة مملكة البحرين، فيمن زعم الحوار لتحقيق مكاسب زعم بأنها ديمقراطية ومدنية رغم توجس المملكة من تبعية هذه الجماعات.انبرى حسن نصر الله للدفاع عن نفسه وحزبه من تبعات القائمين على هذا التفجير، كون الجماعات تنتمي الى ذات الطائفة.يوم زلزال 2013 وقف الإيرانيون ومعهم الروس (أعني ملاك المفاعل ومسؤولو الشركة المنشأة) ببث تطمينات من عدم حدوث تسرب إشعاعي، وكرد فعل سريع اجتمع على إثره الخليجيون في الرياض أيضا وأبدَوا مخاوفهم بشجب استخدام ايران النووي، ومطالبتها بمطابقة المعايير الدولية والانضمام إلى اتفاقية السلامة النووية.ولكن يبدو انهم قد انشغلوا بأنفسهم فلم ننتج شيئا بعد الشجب، فلم نعد نسمع من مشروع الوحدة الخليجية سوى بقايا سوق مشتركة وعملة موحدة لم يرَ واحد منهما النور، وفوقها مجددا مشروع اتفاقية طفل "خديج" قيدت حقوق الشعوب، ولم يكتمل نضجها فعارضها معظم شعوب الخليج في مختلف ادوات التواصل الاجتماعي وفي الإعلام الرسمي. الخليجيون شجبوا مرة اخرى في اجتماع في الرياض قبل أمس التفجير المؤلم، دون ان يوجهوا سهامهم لبتر السرطان الجديد الدخيل والمستشري في عقد الجيد الخليجي.ولأننا لسنا بسذاجة من لا يفكر إلا بالمخاطر الجغرافية والجيوسياسية وحدها، إذ إن القلق الأكبر ليس في شأن الجارة كونها نووية بل حتى في أثر التلويح بالقوة المادية والضمنية مهما كان شكلها، وبالتالي من مغبة استخدامها.وحين اننا نعلم تسابق دول العالم أجمع من اجل الانتفاع بالطاقة الذرية الاقل تكلفة، والأكثر إنتاجا للطاقة وغض الطرف بل والتسامح المفاجئ بتشريع استخداماتها مؤخراً لدولة متمردة "هي ايران" حتى رغم انها وضعتها في مناطق تكتونية متحركة في فوهة دولنا، نقر بأننا كخليجيين لم نستفد من هذا، رغم الدرس القاسي، ولم نستفد حتى من درس فوكوشيما لأننا وقتيون. وما فتئ الخليجيون يطرحون مخاوفهم بعد أن قضي الأمر الذي فيه يستفتون، فقد أشهر بوشهر عن أنيابه مسبقاً ولم تتخلَ ايران عن برنامجها النووي، ولم تبدِ التوجه إلى برامج الطاقة البديلة، بل ووصفت مخاوف دول الخليج بالدعاية الإعلامية، وتوجهت لشر أكبر.هذا والأشد من غير المعلن حتما أن أشْهِرت أنياب جماعات أخرى تابعة يتم تحريكها وشحذها بسهولة في عالم وسائل افتراضي بخطط معدة سلفا، بخلايا بثت داخل الخليج العربي، هي أخطر من تلك التي خشي من أن يبثها المفاعل النووي.هنا تقف حدود الأرض محلك سر.. سواء مقر المفاعل او مقر التبعية.. لأن ذكاء المواجهة هي ساحات اخرى غير ساحاتها.. فتتكاتف النظرية التكتيكية عند من يقفون اليوم على منشآت السياسة واللعب بأوراق المصالح الدولية، بعد تحريك أصابع الاتهام للضلوع الايراني البارز في تحريك الجماعات الموالية في تقسيم كل من العراق وسوريا، والتدخل السافر في لبنان، ناهيك عن الضلوع الخفي في تهديد أمن الخليج العربي؛ بدءاً من البحرين والساحل الشرقي للملكة العربية السعودية، ودوله في تحركات لفئات تجاوزت المطالب المدنية الى إحداث الفتن والقلاقل في البلدان الآمنة بالولاء الأكبر لا لأوطانها بل لولاية الفقيه.. وكما خشي المعنيون بالأمن في الخليج العام الماضي من احتمال وصول تسريبات نووية تنشر نويداتها السحابة الذرية، يأتي زلزال سياسي آخر بتفجير في البحرين بفعل سرايا تعلن ولاءها لولاية الفقيه، هي عينها نويدات سياسية تجمتمع خلاياها عبر الإعلام الجديد، لتكوين بؤر لتفجيرات في مناطق آمنة، خدمة لأهداف أسيادها السياسية في المنطقة برمتها.استراتيجية كبح البؤر الطائفية غير الوطنية، التي بثت حممها في البحرين، وساحل الخليج، وبعض دوله، ينبغي ان تكون اول اولويات دول الخليج، وعلى رأس قضاياها المصيرية في المنطقة، التي يجب الوقوف في وجهها والتعاون على اجتزائها.لكن من المؤسف أن البوصلة قد ضلت هدفها عندما تحركت بعض دول الخليج دبلوماسيا الى ساحلها الشرقي من الخليج العربي، بدلا من الساحل الغربي وقامت بمنهج أعور بسحب سفرائها من قطر. في الوقت الذي كنا نترقب فيه إعداد "رباط الخيل" على قاعدة: "واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم، وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم"تأملت كثيراً فيمن هم المعنيون بقوله تعالى بـ: "الآخرين"! فوجدت الوصف الفريد في: "من دونهم" و"لا تعلمونهم" و"الله يعلمهم"،إنهم بفعل معطيات العصر وثورة الإعلام الجديد والتكنولوجيا، تجمعوا لدينا واندسوا بيننا سواء شكلوا أسرابا او سرايا او جماعات افتراضية، دربوا خلاياهم وحزموا رباطهم لبث الفتنة في اللحمة الواحدة، والتقاتل من اجل مصالح ولاءاتهم في عقر دارنا.. إنها حربٌ بالوكالة يريدون بها ان يفرقوا اتحادنا، ويجعلونا قتادها وساحاتها.شغلونا في بعضنا بخطة.. واللهَ نسأل ان يحمي خليجنا، وان يحفظ لحمتنا، وأواصر رباطنا المشترك.