14 سبتمبر 2025
تسجيليسعى القطاع الاقتصادي في قطر إلى تحسين بيئة الأعمال بقطاعات تنموية مثل الخدمات والاستثمار من خلال تحديث التشريعات والأنظمة المعمول بها، وإيجاد آلية تحفِّز المستثمرين لاقتناص فرص تجارية وصناعية متاحة في السوق المحلي، خاصة أن الدولة مقبلة على مشروعات ضخمة خلال العشر السنوات القادمة. ويعزز هذا التوجه توقعات التقارير الدولية بأن يشهد الواقع الاقتصادي نمواً متسارعاً خلال السنوات القادمة، كما سيعمل حصول الدولة على التصنيف السيادي المتقدم طويل الأجل ووصولها للمركز الـ "14" على المستوى الدولي على زيادة النمو بوتيرة سريعة. ومع اقتراب موعد إعلان موازنة الدولة الجديدة ستبدأ الأجهزة الاقتصادية في رسم خطة عمل وإنفاق للمرحلة القادمة، خصوصاً في بناء مشروعات البنية التحتية والطرق والصحة والتعليم، إلى جانب الفوائض المالية التي حققتها الموازنات السابقة ستعمل على تنويع وجهة الاستثمارات. ويعتبر الاستثمار بنوعيه المحلي والخارجي وجها جديدا للتنمية المحفزة، لأنه يعمل على تنويع مصادر الدخل بشكل رئيس، ويفتح آفاق الشراكات بين الشركات القطرية والأجنبية، ويهيئ الفرص أمام رجال الأعمال والشركات للدخول في صفقات وتعاقدات في مجالات سياحية وعقارية وخدمية وغيرها. وتشيد تقارير دولية بجهود الدولة في التوجه نحو الاستثمار المضمون كما وصفته، لكونه يحقق قيمة مضافة للاقتصاد الوطني، ويحقق عوائد ربحية على المدى البعيد. وإذا تحدثنا على الاستثمارات الداخلية والخارجية فإن الدولة شرعت في مراجعة التشريعات وتحديث الأنظمة المالية لديها من أجل خلق بيئة أعمال مأمونة، خاصة بعد المخاوف التي تحيط بأسواق المال من أزمات متوقعة. وذكر تقرير وزارة الأعمال عبر الموقع الإلكتروني أن الدولة عملت في عام 2000 على تعديل قانون الاستثمار الأجنبي لتسهيل دخول المستثمرين في السوق القطرية، وقدم حوافز مشجعة مثل إعفائهم من دفع ضريبة الدخل، والسماح لهم بالاستفادة من العائدات، وفرض ضريبة منخفضة على الشركات الأجنبية بنسبة "10%" فقط، ومنح أراض وعقارات لتسهيل إقامة وتنفيذ المشاريع عليها. وأشار أيضاً إلى أن الدولة تركز على التنوع الاستثماري وليس الاقتصار على المشروعات الصناعية، وفتح الباب أمام الاستثمار في البتروكيماويات والتمويل والعقارات والصناعة بهدف بناء اقتصاد مفتوح متحرر من القيود. ونوه تقرير منتدى الأعمال الذي عقد مؤخراً ببرلين أن استثمارات قطر ستصل إلى "137" مليار دولار حتى 2015، وذلك فيما يتعلق بالبنية التحتية والخدمات، مما يفتح الباب أمام القطاعات المختلفة مثل التعليم والصحة والسياحة والثقافة والرياضة للدخول في خضم سوق المنافسة. ويشيد أيضاً برؤية قطر 2030 التي حفزت القطاعات على النمو، وأنها تسير بالاتجاه الصحيح لتحقيق أقصى قدر من الموارد للدولة من أجل تطوير اقتصاد تنافسي مفتوح يحافظ في الوقت ذاته على مقدراته البيئية للأجيال القادمة. يؤيد ذلك تقديرات صندوق النقد الدولي الذي يشير بتفاؤل إلى استمرارية النمو للسنوات الأربع القادمة، متوقعاً أن تقود قطاعات النفط هذا النمو مع توقعات بنمو عائدات الموازنة بنسبة "50%" العام 2013. ويؤكد أيضاً تقرير "كيو إن بي" أن القطاعات غير النفطية سيكون لها موقع الصدارة، حيث تعتزم الدولة إنفاق ما يقارب الـ "65" مليار دولار على مشاريع البنية التحتية خلال الخمس السنوات القادمة، وهناك خطط للسنوات العشر القادمة لإنفاق ما يقارب "106" مليارات دولار على المشاريع التنموية. وكانت الدولة قد أقدمت مؤخراً على إطلاق شركة الدوحة للاستثمار العالمي برأسمال قدره "12" مليار دولار، والتي ستهيئ للمواطنين فرص الاستفادة الاستثمارية، كما أعلنت أيضاً عن العديد من الاتفاقات والتعاقدات مع شركات ستتولى إنشاء وبناء المشروعات الضخمة، منها مشروع السكك الحديدية بتكلفة "36" مليار دولار، ومشروع المطار الجديد بتكلفة "17.5" مليار دولار، ومدينة لوسيل بتكلفة "45" مليار دولار، والملاعب الرياضية بتكلفة "4" مليارات دولار، ومشروع مشيرب بتكلفة "6.4" مليار دولار وغيرها. المشهد الذي استعرضته سابقاً يعزز من آفاق الاستثمارات القطرية، وسيكون للبنية التحتية النصيب الأوفر من حجم الإنفاق، حيث ستعمل مشروعات البناء والتشييد والنقل والسكك الحديدية والموانئ البحرية والجوية الجديدة والتي بدئ فيها فعلياً على إتاحة الفرص أمام الشركات المحلية والأجنبية للاستفادة من فرص الاستثمار. وأنوه هنا أن استعدادات الدولة لاستضافة بطولة العالم 2022 وحجم الإنفاق الضخم لبناء ملاعب ومرافق ومجمعات سكنية وتجارية سيعزز من النمو الاستثماري للدولة، وهذا ما حدا بالشركات الأوروبية العملاقة إلى فتح مكاتب لها بالدوحة لمتابعة النمو وهو يشير إلى بدء ظهور ملامح الاستثمار الداخلي. ومما يعزز من فرص نجاح الاستثمارات ما نوه له صندوق النقد الدولي أن الدولة شهدت نمواً حقيقياً بلغ "18.8%" في 2011 وارتفاع حجم الاقتصاد من "173" مليار دولار في 2011 إلى أكثر من "196" مليار دولار. ومع النمو الملحوظ في المؤشرات الاقتصادية يتبين أن الاستثمار المحلي يحظى بنصيب جيد من الموازنات الداخلية، ويتطلب من الشركات القطرية أن تكون قادرة على خوض المنافسة السوقية والاستفادة من خبرات الشركات الكبرى في مختلف الأنشطة.