11 سبتمبر 2025
تسجيلعندما أطلقت إستراتيجية التنمية الوطنية الثالثة، قال معالي رئيس مجلس الوزراء إن حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى وجه بأن تحقق استراتيجية التنمية الوطنية الثالثة (2024 – 2030) المنفعة الكبرى للاقتصاد القطري، وتنعكس بشكل جلي على حياة المواطن والمقيم في مجتمع متماسك ومتعاون ومنسجم، وعلى سمعة دولة قطر كشريك دولي موثوق فيه. كما وجَّهَ سمو الأمير بتوفير أعلى درجات الرفاهية للمُواطن، وكل من يعيش على أرض قطر. والسؤال الذي يطرح: هل المقصود بالرفاهية الزيادة في الرواتب أم الامتيازات المالية للأفراد ؟ الإجابة قد يشملها تعريف معنى الرفاهية، لكن حقيقة تحقيقها في قطر تمتد لتشمل أكثر من جانب، الجانب الأول ما هو واقع، والثاني ما يجب أن يكون، والثالث كيف يمكن أن يتحقق. في جانب ما هو واقع نجد أن الرفاهية تمتد أكثر بكثير من زيادة في الراتب إلى بنية تحتية قوية، ونظام حوكمة عال في الحكومة، ونظام تقاض يحفظ حقوق الناس ويحقق العدالة، وأمن يشمل كل أطراف البلاد بنفس القوة والمستوى والأمان، وخدمات حكومية لا تفرق بين أحد وتقدم وفق أعلى المواصفات مع تطويرها بما يتناسب مع تقدم كافة الإجراءات المحيطة بها، واقتصاد قوي يضمن استقرار البلاد، وسياسة خارجية تقوم على نشر السلام لا العداء والحرب، وبيئة يحافظ عليها الفرد والحكومة من أجل المستقبل، وابتكار يشجع من قبل الحكومة ويهتم به الأفراد، وتعليم وصحة ورياضة وثقافة واستضافات متنوعة وسياحة.. وقبل كل ذلك وفوقه المحافظة على الهوية الإسلامية للبلاد وتاريخها وعادات أهلها. إن تحقيق كل ذلك هو ما يضمن رفاهية المواطن، إن امتلاك أي مواطن في العالم للمال لا يعني رفاهية، إن غاب الأمن على النفس والحق في المواطنة والوطن، إن فكرة أن يكون الاقتصاد قوياً والشعب يأكل ويشرب مقابل مصادرة كافة حقوقه ليست موجودة في قطر ولله الحمد، ولا يؤمن بها أحد، لهذا فإن التوجيه يتناسب مع ثقافة الدولة وتقاليد حكامها وعادات شعبها وتاريخ مليء بقصص العز والكرامة. أما ما يجب أن يكون فإنه اليوم بيد من يقودون المؤسسات الحكومية، التي يجب أن تكمل ما بدأه الكثيرون من قبلهم بكل ما حملت التجارب من أخطاء وفشل ونجاح، إن الوصول للعام 2030 ليس نهاية رؤية، لكنه نهاية مرحلة من رؤية ذات عمر محدد، تبدأ بعدها رؤية جديدة لا يمكنها أن تنطلق دون إغلاق سابقتها. نبحث عن مسؤولين يملكون زمام الأمور، يتخذون القرارات بشجاعة وأمانة، وأفراد يعملون في المؤسسات يقدمون المصلحة العامة على الفردية، والسرعة في الإنجاز بجودة على العمل الروتيني المعطل، نبحث عن مؤسسات حكومية لا ترمي نفسها في أحضان البيروقراطية، ولا تتكئ على عصا غيرها، ولا تعمل لتلميع سمعة المسؤول الأول فيها على حساب خدمة المواطن، ولا تعلن عن مشاريع للاستهلاك الإعلامي فقط. وفي الجانب الثالث، كيف يمكن أن نحقق ذلك، الإجابة سهلة، ثلاث خطوات تحقق كل شيء بنفس الوتيرة من القوة والسرعة والإنجاز والجودة، أولاها منح التفويض للمسؤولين، فطالما اخترناهم لهذا المنصب علينا تفويضهم، والثقة بهم، وثانيتها المراقبة والمحاسبة الدقيقة والشفافية الكاملة في إعلان النتائج الإيجابية والسلبية، وثالثتها حوكمة لكل شيء، للإجراءات والعمليات والأنظمة واللوائح بحيث يعمل المسؤول وفق دائرة نظامية بسلطة حرة في الإبداع والابتكار لا تتجاوز على حقوق الدولة ولا الموظفين. التطلعات العالية تحتاج همما عالية، والإنجاز يحتاج أفراداً ملهمين ومبدعين ومؤمنين بقدرة تحقيقه.