25 سبتمبر 2025
تسجيلإذا اتفق طرفان على حل النزاع القائم بينهما من خلال إصدار حكم تحكيمي بواسطة جهة من اختيارهما ووفق الطرق والشكليات التي تناسبهما، دون اضطرارهما إلى عرض النزاع أمام أنظار القضاء والبت فيه حسب إجراءات العدالة الرسمية، فإنه من الطبيعي أن تصبح لذلك الحكم قوة ملزمة تنصرف آثارها إلى الحق المتنازع بشأنها وبين الأطراف وأحيانا حتى بالنسبة للغير. لذلك فإن حكم التحكيم لكي تنتقل مفاعيله من مجرد سند مكتوب إلى سند نافذ يلزم مباشرة إجراءات التنفيذ بشأنه، على غرار تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة عن الجهات الرسمية ذات الاختصاص القضائي بالبلاد. بموجب القانون رقم 2 لسنة 2017 بشأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية تكون لحكم التحكيم حجية الأمر المقضي به وتكون واجبة النفاذ بصرف النظر عن الدولة التي صدرت فيها، وبذلك يكون المشرع القطري قد ساوى بين أحكام التحكيم وأحكام القضاء من حيث القوة الإلزامية لكلاهما، وعليه إذا صدر حكم التحكيم صحيحا وفق الإجراءات التي اتفق عليها الأطراف، وكان غير مخالف للنظام العام والقواعد القانونية الآمرة بالبلاد اعتبر بمثابة سند تنفيذي يلزم جميع الجهات المخولة العمل على تفعيل ما ورد فيه، حتى وإن اقتضى الأمر استعمال القوة الجبرية. تتم إجراءات حكم التحكيم من خلال تقديم صاحب المصلحة طلبا كتابيا إلى قاضي التنفيذ وفق الإجراءات المعمول بها في تنفيذ الأحكام القضائية، يرفقه بصورة من اتفاق التحكيم وأصل الحكم إذا كان محررا باللغة العربية أو بصورة منه إذا كان محررا بلغة أجنبية مع أصل ترجمة معتمدة إلى اللغة العربية، وإذا تم التأكد من استيفاء الطلب جميع الشروط المتطلبة وعدم مخالفة حكم التحكيم للنظام العام، يتم تسجيل دعوى تنفيذ في الموضوع ويتم مباشرة الإجراء فيها. ولا تكون أحكام التحكيم مشمولة بالنفاذ المعجل كأصل، بل يتم وقف تنفيذها إذا تم الطعن فيها بالبطلان، كما يظل تنفيذها معلقا طيلة المدة القانونية المسموح الطعن فيها بالبطلان، ولا يستأنف التنفيذ إلا بعد مرورها دون تقديم الطعن، والمدة القانونية المسموح خلالها الطعن في حكم التحكيم بالبطلان هي شهر من تاريخ تسليم الأطراف نسخة من حكم التحكيم أو من تاريخ إعلان طالب الإبطال بصدور الحكم. ولا يقبل أي طلب تنفيذ للحكم إلا بعد مرور المدة القانونية المذكورة أو بعد صدور حكم قضائي بات برفض الطعن بالبطلان، لكن يجوز استثناء أن تسمح المحكمة بمباشرة إجراءات التنفيذ رغم وجود طعن بالبطلان، في الحالة التي يقدم فيها طالب التنفيذ ضمانا حسب ما يراه القاضي مناسبا. هذا وإن تنفيذ أحكام التحكيم ليس بالضرورة أن يتم عن طريق قضاء التنفيذ الرسمي بالبلاد، بل يجوز لأطراف الحكم الاتفاق على أن يتم التنفيذ بواسطة وسيلة بديلة، أو قد يتفق الأطراف على تنفيذ جزء من الحكم دون الآخر، بل قد يتفقون على عدم تنفيذ الحكم من الأساس، وهو أمر جائز ليس مخالفا للقانون، لأن عملية التحكيم في مجملها مبنية على توافق إرادة الأطراف على الاهتداء إلى قضاء بديل وحل النزاع الناشئ بينهما بطريقة يرتضونها، وتناسب مصالحهم.