13 سبتمبر 2025

تسجيل

تجار يحكمون العالم

06 فبراير 2017

عندما يحكم التجار العالم لا يمكن انتظار الرحمة والعطف منهم، أو خضوعهم لقوانين الحياة الطبيعية التي يتشارك البشر جميعهم في حقوقهم الأساسية، الحرية والأمن والعيش الكريم والخدمات الصحية والتعليم، ولهذا لا يجب على المواطن العربي في الشرق الأوسط انتظار المستقبل الزاهر للأجيال القادمة إذا بقيت الحروب والنزاعات السياسية والعرقية والطائفية هي المحرك الأساسي لدورة حياتهم، مثلما نجدها اليوم في العديد من الدول العربية التي فقدت أكثر من ثلثي قوتها البشرية والاقتصادية والعلمية، ليست ليبيا واليمن والعراق وسوريا فقط، بل في الدول التي لا تزال محمية.هناك العديد من دول العالم أيضا تتعرض لهذا الإعصار العاتي الذي يدمر البنية التاريخية للخدمات الاجتماعية والرفاه الذي عاشته شعوب تلك الدول في الماضي، فأوروبا الشرقية التي انضمت إلى الاتحاد الأوروبي، شكلت عبئا على الدول الغربية، ولا تزال اليونان تهدد كيان الاتحاد الأوروبي نتيجة عجز اقتصادها، وتضخم المديونية إلى أقصى ما يمكن لدولة أن تتحمله، ولهذا انسحبت بريطانيا من الاتحاد لأنها تعلم أن تفكك الاتحاد قادم، ولكنه سيدمر اقتصادات الدول قبل تفككه، وهذا بسبب الركود الاقتصادي العالمي، نتيجة حروب العالم الغربي ضد بلاد العرب والمسلمين، التي تمتلك مصادر الطاقة، وضياع تريليونات الدولارات كأوراق تأكلها نيران القنابل والصواريخ التي تبيعها شركات الأسلحة الكبرى.لننظر إلى سيد البيت الأبيض الجديد دونالد ترامب، إنه رجل أعمال متوحش، لا علاقة له بالسياسة ولا الإتيكيت الدبلوماسي، هو جاء من خلفية تجارية متسلطة، ويريد أن يسيّر العالم بواسطة الآلة الحاسبة، وكذلك وزير خارجيته «ريكس تيلرسون»، إنه رجل مال وأعمال، كان رئيسا لمجلس إدارة مجموعة «إكسون موبيل» إحدى أكبر شركات النفطية العالمية، لقد كان في العراق يفاوض على عقود التنقيب عن النفط، وفي اليمن وفي روسيا أيضا، وله علاقات جيدة مع الرئيس فلاديمير بوتين، وهنا نتحول إلى القطب الغامض، إنه الرئيس بوتين، فهو لا يتعامل بالسياسة والعسكرية فحسب بل إن عقليته لا تتعدى منطق التجار العمالقة، فهو يحدد مصالح بلاده الخارجية وبناء على ذلك يقرر خطوته اللاحقة. عائلة «بوش» حكمت العالم أيضا من خلال رؤيتها لأنابيب النفط التي تمتلكها في تكساس. ولهذا تم غزو العراق وأفغانستان لفتح الخطوط على مياه المحيط الهندي، الفرنسيون كذلك، فإفريقيا تشهد على سياساتهم المبنية على المصالح التجارية مع إرثهم الاستعماري، والإيطاليون اختاروا «برلسكوني» الذي أخذ على عاتقه التحالف مع الرئيس الليبي معمر القذافي طيلة سنوات حكم الأول، لاستغلال موارد ليبيا النفطية، وعندما اندلعت الثورة الليبية، تولى الرئيس الفرنسي «نيكولا ساركوزي» عمليات حلف الناتو لتطهير إرث القذافي الخطير.هذا هو عالم « روتشيلد وروكفيلر» القديم، يحكمه اليوم التجار العمالقة غير الظاهرين، فهم يحركون العالم، ويقررون مستقبل الخارطة السياسية لعالمنا.