14 سبتمبر 2025

تسجيل

رَكلة الباب المفتوح !

06 يناير 2019

كان الباب مغلقاً ومع قليل من الضغط بات موارباً حتى جاءته ركلة قوية فأصبح مفتوحاً على مصراعيه!. هذه هي القصة القصيرة المختصرة لباب شؤون المعتقلات السعوديات واللائي تم احتجازهن في فترات متفاوتة لأسباب لم تكن واضحة ولكن تم التشهير بهن على أنهن خائنات للوطن وولي الأمر فيها والتعامل مع جهات أجنبية ولا زلن قيد الاعتقال دون تهم واضحة بل إن الأسرار التي كُشفت حول ظروف اعتقالهن وما يتعرضن له من انتهاكات صارخة وصريحة هو ما دعا الكثير من المؤسسات الحقوقية والمدافعين عن المرأة في شتى أنحاء العالم إلى المطالبة بالكشف عن أوضاعهن الصحية والإنسانية التي يعشنها داخل السجون السعودية بعد وصول أخبار شبه مؤكدة عن أن هؤلاء المعتقلات يتعرضن بشكل يومي لتجاوزات إنسانية وأخلاقية من قبل مأموري السجن ومن أمر باعتقالهن كالتي كشفت عنها صحيفة ( نيويورك تايمز ) الأمريكية من أن ( لجين الهذلول ) وهي إحدى هؤلاء السجينات قد تعرضت من مستشار ولي العهد السعودي السابق سعود القحطاني الشهير باسم ( دليم ) لتهديد صريح ومباشر بالاغتصاب والقتل ورمي جثتها في أحد المصارف الصحية وهذا ما جعل والدها ( هذلول الهذلول ) إلى الدعاء لابنته وباقي السجينات على حسابه في ( تويتر ) دون أن يشير لا من قريب ولا من بعيد لاسم سجان ابنته أو الجهة التي قامت باعتقالها أو حتى التصريح بظروف هذا الاعتقال غير المبرر لتسارع الأذرع الأمنية لهذا النظام إلى حجب حساب والد لجين وكأنه لم يكن !، واليوم تتقدم جهة حقوقية بريطانية مستقلة شكلها برلمانيون بريطانيون بطلب رسمي للسفارة السعودية في لندن بالسماح لأعضائها من البرلمانيين والمحامين المهتمين بهذا الملف بمقابلة هؤلاء المعتقلات والوقوف على ظروف اعتقالهن وأخذ إجابات مباشرة منهن لدحض كل هذه الشائعات التي تدور حول تعذيبهن وسجنهن في سجون انفرادية لشهور طويلة، ورغم أنني غير متفائلة أبداً من استجابة الرياض لهذا الطلب الذي يأتي من جهة بريطانية قانونية مستقلة والذي إما ستقابله السعودية بالرفض القاطع أو التجاهل التام إلا إنني أجد نفسي متطلعة لما سيعقب هذه ( الركلة ) التي تحدثت عنها في أول سطر من مقالي هذا، ذلك أن هذه الركلة تبدو الأعلى صوتاً بعد تقرير الصحيفة الأمريكية الذائعة الصيت بشأن ظروف هؤلاء السجينات السعوديات ولا شك أنها ستدفع بالكثيرين للقيام بنفس الخطوة مما سيجعل الرياض تحت ضغط شديد سواء من أفراد ومؤسسات إقليمية ودولية أو حتى انتقال هذا الملف الشائك والغامض إلى ردهات حقوقية دولية لن تتمكن السعودية من الصمود أمامها ويمكن أن يضطرها ذلك إلى إطلاق سراح بعض هؤلاء المعتقلات بخلاف مع حدث مع معتقلي الريتز كارلتون الذين استطاعوا التوصل بطريقة ما إلى تسويات مالية ضخمة لقاء شراء حريتهم مثل الوليد بن طلال الحر داخلياً وإن كانت حريته مقيدة بمراقبة لصيقة لتحركاته المحدودة والممنوع من السفر خارجاً حتى الآن رغم أنه كان محلقاً حول العالم طوال أعوام مجده التي لم تستمر !. كلنا نتذكر كيف جاهد محمد بن سلمان لإيصال الصورة الجديدة لبلاده على أنه ( المصلح ) القادم للسعودية وأن أيام ( الصحوة ) التي أسسها ملوك المملكة السابقون لا يمكن أن تحيا على أرض المملكة بعد الآن ونتذكر مقارنته المضحكة التي أراد إيصال رسالة رؤية 2030 من خلال المقارنة بين جوال نوكيا وجوال آيفون لقيت تندراً كبيراً بين جموع الداخل السعودي الذي لم يكن ليصدق رسالة الإصلاح والتطوير التي يعرضها ولي العهد السعودي أو بين المراقبين من الجمهور الخليجي والعربي فهل كان من الإصلاح أن تُعتقل هؤلاء النساء وهن اللائي كن يطالبن بإصلاحات حقيقية على رأسها السماح لهن بقيادة السيارات وهو ما تحقق آجلاً ليتم اعتقال معظمهن بعد ثلاثة أيام من هذا القرار ؟!، فأي إصلاح يتكلم عنه ولي العهد السعودي وهو الذي يهدد مواطنيه بالاعتقال والسجن إن انتقدوا أو عرضوا شيئاً يهدد جمال هذه الصورة المثالية التي أراد ( مبس ) تشكيلها وتزيينها ثم ثباتها في عقول رعاياه لترويجها لاحقاً أمام المجتمع الدولي الذي يستنهض مؤسساته الحقوقية اليوم لإظهار مدى التناقض فيها وأنه لا يمكن أن يجتمع الإصلاح الوهمي الذي يدعو له بن سلمان أمام موجة الاعتقالات التعسفية التي تسير بخطى متسارعة داخل المملكة ولعل جريمة جمال خاشقجي هي المطرقة التي حطمت هذه الصورة التي لم تتشكل يوماً بأركانها الأربعة المتوازية وأكدت أن النظام الذي يحكم السعودية ما هو إلا لخدمة حاكم يُستثار من أي كلمة انتقاد واحدة مهما كانت تحمل في طياتها بناءً للوطن وتقويما لصاحب القرار فيه والعقاب إما السجن أو المنشار!. فاصلة أخيرة: لن يستمر الحال على ما هو عليه.. فالفرج لا يمر بطريق مزين بالورود !. [email protected]