12 سبتمبر 2025
تسجيلتطل أزمة الغذاء برأسها مطلع العام الجديد، وهي تجر ذيول تداعيات سلبية لبرنامج الغذاء، الذي عجز في السنوات الأخيرة عن تحقيق الأمن الغذائي، وفشل في إرساء أرضية مؤسسية لتوفير الغذاء للكثير من مجتمعات متضررة.وتعمل أزمة شح المياه في عدد من الدول العربية والصراعات حول منابع المياه والنزاعات المسلحة على تفاقم الوضع الراهن للغذاء، لكون البرامج الإنمائية للغذاء والمياه والزراعة والرعي واستصلاح الأراضي هي في الأساس لإيجاد دعائم قوية لبناء برنامج غذاء له صفة الديمومة.فالواقع العربي والإفريقي يواجه مشكلات مستشرية هي شح المياه، وتفشي الأوبئة والأمراض المستعصية، والنزاعات المسلحة، وغياب دور الأمم المتحدة تسريع عمليات الإغاثة لسد حاجة الجياع من غذاء ومياه ودواء. فالتقديرات العالمية للغذاء تشير إلى أوضاع مقلقة، ففي اليمن هناك ٧،٦ مليون شخص لا يجدون ما يكفي من الغذاء، ويزداد عدد من يعانون الجوع في اليمن إلى ٣ ملايين شخص مع ارتفاع وتيرة النزاعات، وفي سوريا قدرت منظمة الأغذية العالمية (الفاو) حاجة النازحين السوريين إلى ١٢١ مليون دولار للحد من تدهور الأمن الغذائي، وحاجة اللاجئين في دول عربية أخرى إلى ١١٧ مليون دولار وقد تزيد العام الحالي، وحاجة ٣ ملايين شخص في السودان إلى برامج إغاثة عاجلة، وأيضاً حاجة ٣ ملايين شخص في غينيا وسيراليون وليبيريا إلى الدعم المالي لتوفير الغذاء.وفي القارة الإفريقية تقدر حاجة الجياع بملايين الدولارات لشراء مواد إغاثة من تموين وغذاء ودواء، مع ازدياد أعمال الحرب والنزوح والتشرد، وتدمير الأراضي الزراعية، وتخريب التجمعات السكانية والبشرية.كما تشير إحصاءات دولية إلى أن ملياري طن من الغذاء يهدر سنويا، رغم حاجة الكثير من المجتمعات المتضررة له، وهذا دليل على غياب الرؤى الواضحة للأمن الغذائي، علاوة على نتاج الحروب السلبي الذي حصد الأخضر واليابس. ورغم وضوح أزمات الغذاء والمياه والزراعة إلا أن الجهود الأممية لا تزال تقف مكانها، وقد يكون السبب الأول لذلك هو التوتر الذي تعيشه منطقة الشرق الأوسط.ولعل أسباب تراجع المعالجة الدولية للأزمات هي عدم قدرة المانحين على تقديم المزيد من الأموال بسبب الأزمة الاقتصادية، وضبابية الحلول في الحد من التلوث، وهدر مخزون الثروة المائية، وارتفاع أسعار المواد الأولية. من هذه الحلول أوجزها: استصلاح أراضٍ شاسعة من الوطن العربي للزراعة وإقامة مشاريع عليها، خاصة أن المنطقة العربية زاخرة بالأراضي الفضاء، وتقديم تمويلات ميسرة للمزارعين، وتحفيز استثمارات القطاع الخاص، والمضي بعجلة تنمية الثروة المائية للأمام، التي بدورها ستدفع بحراك في قطاع التجارة.وأستشهد هنا بالوضع الراهن لمنطقة الخليج التي رسمت سياسات غذائية واضحة للأمن الغذائي، فأسست مصانع غذائية وخصصت مساحات لبيوت محمية زراعية، وبدأت أولا بتحقيق الاكتفاء الذاتي عن طريق توفير أسواق تموين بأسعار ميسرة، وشرعت في صياغة آليات قانونية للتيسير على القطاع الخاص في خوض مجال الاستثمار الغذائي، وحفزت تجارة الأغذية محلياً وخارجيا.