14 سبتمبر 2025
تسجيلالحق أنه الرجل المناسب في المكان المناسب جاء في الوقت المناسب، ناداه سمو أمير البلاد في خطاب رسمي "بالوزير النزيه"، وما أعظم ذلك النداء الصادر من أمير البلاد إلى أحد موظفيه. في حوار سعادة عبدالله بن حمد العطية مع جريدة الشرق كان واضحا صريحا كعادته حول مهامه وخطوات تنفيذها. أحد مزاياه أنه يعرف مهامه ويسهب في شرح كيفية أداء تلك المهام، قد لا يكون حباً في الإسهاب ولكن ليتأكد بأن ما يجول بفكره قد وصل إلى من يستمع إليه. إن سمو الأمير وهو يصدر مرسوم تعيين سعادة عبدالله بن حمد العطية رئيسا "لهيئة الرقابة الإدارية والشفافية" كان يعلم أنه لن يكون جديرا بهذا المركز غير الأخ عبدالله بن حمد العطية، لأن سموه يعلم أن طريق عبدالله مزروعة بألغام متناثرة وأنه القادر على السير بين الألغام ليفجرها واحدا تلو الآخر بغية تمهيد الطريق لتنفيذ مهامه. إليه أقدم أحر التهاني بهذه الثقة السامية التي حظي بها سعادته. والحق أن الحمل ثقيل يا أبا حمد وأنها أمانة حملت بها، أعانك الله على حملها ووفقك في أداء مهمتك الشديدة الصعوبة. (2) الفساد كلمة تحمل معانيَ كثيرة فهي إلى جانب أمور أخرى، تعني فساد الذمم، فساد الفرد، فساد الجماعة، فساد النفس (...) الخ. إنه آفة اجتماعية وسياسية وأخلاقية إنه في كل الدول المتقدمة والنامية، إلا أنه يكون أقل حدة وأقل انتشارا بين العامة والخاصة (فساد الذمم) في الدول المتقدمة نظرا لوجود مؤسسات دستورية تحد من انتشار تلك الظاهرة وأجهزة رقابية محصنة دستوريا. إن ظاهرة الفساد منتشرة بشكل كبير في الدول النامية لغياب المؤسسات الدستورية وغياب أجهزة الرقابة الشعبية (البرلمان / أم مجلس الشورى المنتخب انتخابا مباشرا). والحق أن الفساد إمبراطورية مسلحة بكل أنواع الأسلحة وتحميه إلى جانب تلك الأسلحة المادية والمعنوية أجهزة رسمية وطرق متعددة للاحتيال على تلك القوانين، إن هذه الإمبراطورية (الفساد) لا يمكن هزيمتها بسهولة ومن يتصدى لها فلا بد أن يكون مسلحا تسليحا يحميه من بطش قوى وأجهزة الفساد والمفسدين، أعني مسلحا بدعم البرلمان / مجلس الشورى المنتخب، مسلحا بالحماية الشخصية والقانونية من قبل رئيس / أمير البلاد إلى جانب حماية المجتمع له عن طريق مؤسسات المجتمع المدني. إن الفساد لا يعني فقط العبث بالمال العام واستخدام المنصب لتحقيق مصالح شخصية أو التمييز في التعيين في الوظائف الحكومية والمؤسسات العامة. إن التعيين في المراكز القيادية في المؤسسات والمصالح العامة على أسس طائفية أو قبلية أو أسرية أو محسوبية يعتبر عملا من أعمال الفساد. إن المعيار الحق في تولي الوظائف العليا في كل فروع الحياة يعتمد الكفاءة والعدالة في توزيع الوظائف بين مكونات المجتمع. إن التمييز في التشغيل العام يعود بالضرر على المجتمع، ويشجع على انتشار الفساد، ويعيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية ويدفع ضعاف النفوس إلى عدم الولاء للوطن والنظام السياسي وتكون أجهزة الاختراق الأجنبية لنظام الدولة وسيادتها أمام بيئة صالحة لاختراق أمن الوطن وسيادته. (3) إن أمام الرجل النزيه الأخ عبدالله بن حمد العطية مهام متعددة تبدأ في نظري بمراقبة الأداء الإداري في كل مؤسسات الدولة، وأن يشهر سلاحه (غير القاتل) على البيروقراطية في أجهزة الدولة. إن القضاء في نظري هو الأولى بالاهتمام لأن مصالح الناس متعطلة في دوائر القضاء نظرا لطول زمن التقاضي بين الناس فعلى سبيل المثال لا يعقل أن تنتظر سيدة مطلقة تعول أطفالا يحتاجون إلى كل أنواع الحماية والرعاية أكثر من عام ونصف والقضاء لم يحدد لها حق النفقة. لا يمكن أن يكون أمام القضاء قضية بين مالك ومستأجر أو بين مقاول وصاحب عقار (منزل سكن) وليس مشروعا تجاريا أن يظل الخلاف بينهما لأكثر من عامين متتابعين في دوائر القضاء، إنني هنا لا أتهم القضاء بالفساد لا سمح الله، لكن القضاء يعيش في بحر من البيروقراطية غير المحببة. أنا أدعوك سعادة الأستاذ عبدالله بن حمد أن يكون همك الأول في اجتثاث منهج التباطؤ في نظر القضايا بين أيدي قضاتنا حفظهم الله ورعاهم بعنايته. إن هذا الأمر لا يحتاج إلى عناء وإن المجتمع كله سيشهد أول إنجازات "هيئة الرقابة الإدارية والنزاهة". آخر القول: إنها أمانة صعبة، وحمل ثقيل أعانك الله على حملها وسدد خطاك أبا حمد ورزقك بموظفين يعينوك ولا يكونون عبئا عليك.