11 سبتمبر 2025

تسجيل

امرأة وسط الركام

05 ديسمبر 2023

ما إن رأيت النقد الجارح والهجمة غير الأخلاقية التي يقودها «صهاينة العرب» ضد السيدة لولوة الخاطر - وزيرة الدولة للتعاون الدولي بوزارة الخارجية القطرية، التي دخلت إلى ميدان الحرب في غزة من أجل إيصال المساعدات إلى ذلك القطاع المنكوب وقامت بعدة جولات إغاثية للمنكوبين من أهلنا هناك حتى تذكرت بيتاً من الشعر يقول: أقِلّوا عليهم لا أباً لأبيكم من اللومِ أو سُـــــــدُّوا المكان الذي سَـــــــدُّوا لا أحد منّا يحب الحروب، ولا أحد منا إلا ويعشق السلام والحياة ولكن شاءت الأقدار بوجود الأشرار في دنيانا، ودائما ما يكون هؤلاء الأشرار مفاتيح للحروب والكوارث التي تنزل على الأبرياء قتلاً وسفكاً لدمائهم وهدماً لمنازلهم وديارهم فتكون الميادين في المدن كَرُكام تسوده الأشباح، وطرقات مرعبة وجثث مترامية تجعل القلب يتفطر ألماً لما تشاهده العيون ولا تجد النفوس بعد تلك المناظر شعلة لفعل أي شيء. وفي زماننا، لا تكون تلك الكوارث الغاشمة مسموحة إلا على العرب ورقعتهم، وتفسير الأمر أن الأمم كانت وما زالت تنظر إلى العرب نظرة ازدراء الأسياد لعبيدهم فلا تكون فرصة للعرب للمسير نحو السؤدد إلا وانهالوا عليهم بالقمع والإرهاب الدولي. فلا يخفف وطأة هذا المشهد الحزين إلا دخول أرواح لتلك الطرقات ووسط الركام فتمد أيديها للمظلومين والمنكوبين وتقدم لهم العون ولو قلّ والمدد وإن لم يكن يبلغ حد البلغة ولكنه بلا شك يخلق في نفوس المنكوبين الشيء الكثير، ومن يقرأ تاريخ النكبات العربية والإسلامية يجد أن الشعوب العربية والشعوب الإسلامية وبعض «أنظمتها ولو قصرت» فإنها لا تخلو من همم تسمو لتمد يد العون ونفوس لا ترتضي العيش وفي جوارها مظلوم يتعرض لهجمات العدو آناء الليل وأطراف النهار. والأعجب في هذا الأمر همم النساء، ففي تاريخنا العربي نماذج مشرفة كانت لها يد العون للمنكوبين في الحروب والكوارث والأزمات، فنستذكر هنا السيدة رفيدة بنت سعد التي قدمت نموذجا لنساء الأمة وكونها المرأة العاملة المجتهدة، فقد كانت تخرج في غزوات النبي فتشرف ميدانيا على الجرحى والمصابين ابتداء من عمليات التطبيب للجروح وصولاً إلى شد العزائم النفسية وغرس الثبات في نفوس المناضلين في بداية عهد الدولة العربية الإسلامية بقيادة المعلم الأول، فما كانت، أعني السيدة رفيدة بنت سعد، إلا منارة تقتدي بها نساء العرب جيلا بعد جيل. ونستذكر في التاريخ أيضا السلطانة (راضية) التي كانت تصرح أمام الملأ بلا خوف ولا تردد فتكافح معاني العنصرية والتهديد العرقي ومعاداة الإنسانية ومواجهة التوحش الطبقي والمجتمعي في الهند، فكانت امرأة سياسية من الطراز الفريد، والذي أدى تميزها إلى غيرة النبلاء والأشراف من سياستها وحسن تصرفها في الملفات السياسية وإدارة الشؤون الداخلية والخارجية في الإمبراطورية الدلهوية. فما زالت الأقلام المأجورة والألسن منذ القدم تقتات على نجاحات الآخرين وتسعى إلى إفشال كل خير يقوم به المصلحون ولو كان جهد المقل، ولكن هيهات هيهات أن يتخاذل أهل النصرة والخير.