10 سبتمبر 2025
تسجيلأصحاب الجلالة والسمو قادة مجلس التعاون لدول الخليج العربية حفظكم الباري من كل مكروه،، السلام عليكم ورحمة الله وتوفيقه، مرحباً بكم في دوحة العرب عاصمة دولة قطر، تجتمعون اليوم وخليجنا العربي يمر بأصعب مراحله السياسية والاقتصادية والأمنية، كما أن وطننا العربي من المحيط إلى الخليج يمر بأسوأ مراحله التاريخية ولا عاصم لكم ولنا بعد الله من التفكيك والتفتيت والتجزئة والفتن وتفريق الصفوف وبث بذور الفتن والعداوة والبغضاء بينكم إلا بوحدة موقفكم وكلمتكم ورص صفوفكم يا قادتنا الميامين. أصحاب الجلالة والسمو، كاتب هذه الرسالة إلى مقامكم الرفيع مواطن من شعبكم يطرق باب الثمانين حولا من العمر لا أطماع له في مال أو جاه أو سلطان إلا أن يرى أمتنا العربية بوجه عام وخليجنا العربي بوجه خاص في مكانه اللائق به بين الأمم متبوعا لا تابعا، يشد أزر الصديق ويرد كيد العدو، وكلي أمل أن تجد رسالتي ما تستحق من اهتمام وأن ينظر إليها بحسن نية، خاصة وأنها لا تعبر عن رأي فرد ولا تعكس توجهات جماعة أو فئة أو طائفة أو حزب، بل تحاول ــ وبكل أمانة وصدق وتجرد ــ أن تنقل إليكم نبض الشارع العربي على امتداده واتساعه وأن تضع أمامكم الصورة كما هي بأبعادها السياسية وبألوانها الطبيعية وبحجمها الحقيقي. نفعل ذلك لأن مشاعر الإنسانية يصعب نقلها بأقمار التجسس ويستحيل حسابها بأجهزة الحاسوب. (2) أصحاب الجلالة والسمو، استدعي من التاريخ حال انطاكية، صانعة التاريخ وما لحق بها وبسكانها العرب والمسلمين عندما حاصرتها جيوش الفرنجة، وعيون هذه الجيوش شاخصة نحو بيت المقدس مرورا بدمشق وغيرها من المدن، وقفت انطاكية صانعة التاريخ تستصرخ العرب وتستنجد بهم حماية لها ولهم كحال قطاع غزة اليوم،وما يلحق به من إبادة جماعية ودمار شامل. حال العرب في ذلك الزمان لم يكن احسن من حالنا اليوم. خلافات وعداوات وأحقاد وضغائن تنخر في أجسادهم. كل يبحث عن أمنه واستقراره وهو يعلم علم اليقين بأنه لا أمن له ولا استقرار دون وحدة كلمة الأمة العربية وموقفها ورص الصفوف كتفا بكتف كي لا يتخلل صفوفهم المنافقون وصناع الفتن والحاقدون والطامعون. كانت أقرب الحواضر العربية إلى انطاكية في ذلك الزمان الموصل وحلب ودمشق والقاهرة، وكانت العداوة والبغضاء بين حكامها مستعرة وكان كل منهم طامعا في ملك الآخر. كان الصراع محتدما بين أخوين ملكين، رضوان ملك حلب ودقاق ملك دمشق. وتعود أسباب الحرب والنزاع بين الأخوين الملكين،أن ملك حلب كان طامعا في حكم دمشق، مملكة أخيه، ويريد انتزاعها منه. انشغل الأخوان،وانطاكية على مقربة منهما، بوابة الشرق يحيط بها الأعداء ( كحال غزة اليوم ). لم يكن ذلك الصراع بين الأخوين خافيا على الفرنجة حول انطاكية، واتصلوا بالملك دقاق ملك دمشق وطمأنوه على ملكه وأنهم لا يريدون به شرا. ويذكر ابن الأثير في كتابه الكامل «أن الفرنجة كتبوا لملك دمشق قائلين: إننا لا نأخذ ولا نقصد غير البلاد التي كانت بيد الروم ولا نطلب سواها، مكرا منهم وخديعة وحتى لا يساعد صاحب انطاكية. ولكن سقط الملكان ولم يُجدِ تحالفهما مع الفرنجة «. استدعيت هذه الأحداث من التاريخ لعل ولاة أمرنا يأخذون بقول الحق عز وجل « فاعتبروا يا أولي الأبصار» سورة الحشر آية 2 ) (3) أصحاب الجلالة والسمو لقد أُشْغِلتُم بما يسمى محاربة الإرهاب ومعاداة الحركات الإسلامية قاطبة، ومطلب الغرب والأمريكان منكم المساهمة في اجهاض أي نزوع إسلامي سني وذلك عن طريق تغيير مناهج التعليم بما يتماشى مع مصالح الآخرين من خارج دائرتنا الحضارية العربية والإسلامية والإرهاب، يا قادتنا الميامين اختراع وصناعة وتمويل وحماية أمريكية أوروبية. الإرهاب في غزة والضفة الغربية قادته هم إسرائيليون ومسلحو تلك القيادات وممولوها وحماتها، الإدارة الأمريكية في واشنطن، إنهم يطالبونكم اليوم «الأمريكان « بالصمت على الجرائم التي ترتكب ضد الشعب الفلسطيني كما يطالبونكم بالقبول بتهجير أهل غزة وتفريقهم على أوطاننا العربية وجعل غزة منطقة منزوعة السلاح وبلا سكان في أحسن أمانيهم. والمواطن العربي يقدر لقادتنا في الخليج مواقفهم من رفض التهجير ولكن نتطلع لموقف أكثر جرأة وشجاعة بالتدخل لوقف إطلاق النار وانسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة وتقديم قياداته العسكرية التي ارتكبت جرائم حرب في غزة بإصدار الأوامر أو بالفعل ميدانيا إلى المحكمة الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب. آخر القول: إذا تمكن الصهاينة من غزة اليوم لا سمح الله فإننا سنكون ضحية صمتنا وعدم المساهمة في ردع العدوان كحال انطاكية ومن بعدها سقوط حلب ودمشق وبيروت ومدينة القدس، وأخيرا لابد من تقديم التحية والتقدير للقيادة السياسية القطرية على مواقفها الشجاعة وجهودها المضنية لوقف إطلاق النار وايصال المساعدات إلى أهلنا في غزة.