11 سبتمبر 2025
تسجيلدعوني أشارككم الخواطر والأفكار في عمل مسح سريع لبعض الشخصيات المجتمعية التي تتمنى الابتعاد عنها أو تجنب اللقاء بها إلا في الضرورة القصوى، وبما أنني قد بدأت فعلا في المقال السابق بتناول إحدى هذه الشخصيات وهو "راعي المعاياه"، فقد قررت أن أستمر في كتابة سلسلة عن هذه الشخصيات المجتمعية والتي شئنا أم أبينا لابد أن يمروا في حياتنا ولو لمرة واحدة. طبعا ما سوف يرد في مقالي هذا هو مجرد رأيي الشخصي والذي قد يكون حقا أو يجانبه الحق والصواب، فهو مجرد دردشة فلسفية لا أكثر ولا أقل. فكثيرون هم الأشخاص الذين تلتقي بهم لأول مرة مصادفةً سواء في مناسبة اجتماعية أو في محيط بيئة العمل أو بالأماكن الترفيهية، ويكون نتاج ذلك تشكيل صورة معينة لشخصية هذا الوافد الجديد على حياتك الاجتماعية، فتقوم بعمل تحليل ومعالجة فورية لشخصيته توصلك إلى ثلاثة احتمالات عليك أن تتخذ أحدها لتقرر طبيعة العلاقة المستقبلية لهذا الوافد الجديد، فالخيار الأول هو أن تتبادل رقم هاتفك مع الصديق المحتمل لتعزيز التواصل الاجتماعي، والخيار الثاني هو أن ينتهي اللقاء وتنتهي متعة الدردشة اللطيفة والمسلية التي تمت بينكما دون أي محاولة من الطرفين بتوثيق العلاقة من خلال التواصل مرة أخرى وإنما تترك للصدف، أما الخيار الأخير فهو وضع هذه الشخصية في قائمتك السوداء والتي تضم الأشخاص الذين لا تتمنى لقاءهم مستقبلا وتحاول أن تمسح أي ذكريات تتعلق بهم. وهنا نصل لصاحب شخصية هذا المقال والذي يطلق عليه "الملغ" أو "الملق" كما يلفظها البعض، وهو مصطلح لوصف ثقيل الدم أو كما يقال في اللهجة المحلية "ثقيل طينه"، وهو ذلك الشخص الذي مجرد أن تقابله تشعر بأن الأرض قد ضاقت عليك بما رحبت، وأنك على شفا الاضطراب العصبي النفسي الحاد. فصاحبنا هذا يفتقر للباقة في الحديث والكياسة في تحديد الزمان المناسب لممارسة هوايته في الاستظراف وخفة الدم، فتجده دائما يعلق على حديث الغير ويتصيد الكلمات ليحرف معانيها أو مقاصدها محاولة منه في إظهار قدرته المميزة في الطرافة والفكاهة، فمثلا تسأله "شلونك" أي كيف حالك؟ فيكون جوابه "أحمر"، ولا يقتصر الأمر على التلاعب في الألفاظ وإنما يتعدى ذلك إلى الإصرار على الحديث بشكل مستمر دون انقطاع وبصوت هادئ تشعر معه بأنك تحت نوع من أنواع التعذيب النفسي، "فسالفته سامجة" وقابلة للتوالد والانقسام والتكاثر ويصعب عليك مقاطعته، فمهما فعلت سيستمر في الحديث. ويعتبر الملغ أو المليغ كذلك ضيفاً ثقيل الظل، فإحساسه بالأوقات المناسبة للزيارة شبه معدوم تقريبا، والأدهى والأمرّ أنه لا يشعر بمرور الزمن فيمكن أن يجلس يتحدث لأجل غير مسمى، ومهما تثائبت في وجهه أو انشغلت بعمل آخر أمامه لتحاول إشعاره بأنه ممل وأنك تريد التخلص منه فلن يجدي هذا نفعا وستبوء كل محاولاتك بالفشل. وفي حقيقة الأمر لا يمكن تصنيف المليغ على أنه شخص سيئ بالمطلق، فمنهم من هو طيب وعلى خلق عالٍ ولكن أسلوبه في التواصل هو الذي يجعل منه مليغاً، وهذه الفئة تُجبر على تحملها لمعرفتك بصفاء سريرتها وطيبة قلبها، ولكن أسوأ المليغين على الإطلاق والذي تجبرك الظروف على تحمله ومجاراته والتغاضي عن "ثقل طينته" هو المليغ المسؤول في محيط عملك، والذي أترك لمخيلتك، عزيزي القارئ، تخيُّل كيف سينتهي بك المطاف إذا صارحته بأنه مليغ. ولو بحثنا عن معنى ملغ في معاجم اللغة العربية كمعجم "مقاييس اللغة لابن فارس" لوجدنا أن معنى (مَلَغَ) الْمِيمُ وَاللَّامُ وَالْغَيْنُ كَلِمَةٌ. يَقُولُونَ: الْمِلْغُ: الْأَحْمَقُ. وَالتَّمَلُّغُ: التَّحَمُّقُ. وختاما أقول: إن أخذ الحيطة والحذر والابتعاد عن لقاء الشخص المليغ تساعد كثيراً في بقائك في حالة نفسية وذهنية سليمة وتجنبك كذلك التعرض لأمراض العصر مثل الضغط والسكري. @drAliAlnaimi