19 سبتمبر 2025

تسجيل

غابت الحرية فغاب المثقف

05 ديسمبر 2019

إذا أردنا البداية في التخلص من الفكر الشمولي وعشوائية الاحكام والخلط بين الادوار الاجتماعية وتحديد تأثيراتها خارج نطاقها الايديولوجي الحقيقي، علينا التمييز بين ثلاثة أنماط من الادوار الاجتماعية الموجودة في المجتمع والتي يجري الخلط بينها ويطغى أحدها على الآخر، بشكل يصبغ المجتمع بصبغته على حساب الادوار الاخرى وهذه الادوار او الانماط او الشخصيات هي: أولا: رجل الدين رغم عدم وجود هذا المسمى بوضوح في ديننا الاسلامي إلا أن دوره واضح ومؤثر، لارتباطه الوثيق بالدور السياسي في مجتمعاتنا العربية، وتساندهما مع بعض في ادارة الدولة العربية بشكل أو بآخر أو مرجعيات أخرى لها القوامة على كل أمور الدولة. ثانيا: الايديولوجي: وهو من يؤمن بأيديولوجية معينة يعتقد خلاص الامة في تبنيها، وهو وجود هش في مجتمعاتنا العربية وتأتي إمداداته غالبا من الخارج، مع أهمية هذا الدور في إنشاء وإقامة الاحزاب ركيزة الديمقراطية إلا أن تأثيرات البنية العربية الدينية القبلية جعلت من وجوده غير ذي تأثير واضح. ثالثا: المثقف وهو بالضرورة حر ينتمي إلى فضاء الحرية لا يحده سقف ولا ينفعل تحت أي سقف معين. وهؤلاء قليلون ومحاربون ومبعدون ومتهمون، لا تكتمل الثقافة الا بالحرية، المثقف لابد له من النظر في فضاء غير محكوم بأسبقيات، فتتوالى بالتالي الافكار وتتجدد العقليات ويتجه المجتمع نحو الحراك الثقافي الحقيقي وهو ما نشهده وشهدته أوروبا وامريكا على الدوام، لذا هم دائما جهة ارسال فيما نحن دائما جهة استقبال بسبب عدم ادراكنا لمفهوم المثقف. ماذا انتج ايديولوجينا سوى الترديد للنظريات الغربية؟ وماذا انتج علماء الدين لدينا سوى اعادة التاريخ وشخوصه؟ كل هذا يتم تحت مسمى المثقف الشيخ والثقافة الدينية والايديولوجية. ما يسمى بمثقف السلطة أو مثقف النظام يندرج تحت سقف الايديولوجي الانتهازي لأنه غير حر بمعنى أنه يتبع الفرصة أو تحكمه المصلحة الضيقة التي لا تتفق ومفهوم الحرية التجريدي. رجل الدين ليس مثقفا ربما هو مطلع أو يعلم في نطاقه لكنه لا يمكنه التفكير خارج ذلك النطاق، الايديولوجي أقل ارتباطا منه ولكن يخرج من أيديولوجية ليدخل في أخرى فهو داخل نطاقات فكر محكومة ومقفلة، ولك ان تتخيل الملايين التي تتبع مشايخ الدين والايديولوجيين الاخرين بصفتهم مثقفين أو يمثلون فكرا حرا بينما المطلوب أن يكون كل فرد مثقفا بذاته بمعنى أن يمتلك حرية التفكير أو الفكر الحر، لندرك ازمة مجتمعاتنا كونها مجتمعات تتحرك داخل نطاقات معينة وليست تتحرك في فضاء الحرية الكامل. وتلتبس بالتالي الادوار ويسند الامر الى غير أهله، وتعود البنية السابقة للتعليم الى الواجهة تحت مسمى الثقافة التقليدية ويسيطر رجل الدين كونه مثقف العصر والزمان والدنيا والاخرة على أطياف المجتمع الاخرى. ويختفي الايديولوجي الوطني ويتلاشى المثقف وتضيق دائرة الفكر الحر أو حرية التفكير. [email protected]