13 سبتمبر 2025

تسجيل

قطر تؤسس لقاعدة بحثية للطاقات المتجددة

05 ديسمبر 2012

وضعت دولة قطر أول أسس التقنية المستخدمة في الطاقة الشمسية والمتجددة بإنشائها عددا من المشروعات لإنتاج الطاقة البيئية، وهي المرتكزات المبدئية التي تعنى بالدراسات البحثية وإمكانات التطبيق في هذا المجال قبل البدء في الإنتاج الفعلي للطاقات المتنوعة. وتعتبر أول منشأة اختبار متخصصة في الطاقة الشمسية التي افتتحتها سمو حرم الأمير، وإطلاق مشروع لإنتاج الطاقة الكهربائية من الطاقة الشمسية، بمثابة البدايات العملية لإجراء التطبيقات الميدانية على مقدرات البيئة من الشمس والرياح وحرارة الأرض والرطوبة والأمطار. فالإعداد البحثي واستشراف الميدان وإجراء الدراسات الأولية ترسيخ للأسس التي تنتهجها مؤسسات الطاقة فيما بعد، إذ إنّ الأبحاث العلمية تبنى على دراسات متعمقة قبل إطلاقها أو إقامة مشروعات عليها. فقد أطلقت قطر تزامناً مع مؤتمر التجمع الدولي للتغير المناخي مشروعين رائدين هما منشأة اختبار للطاقة الشمسية، وإنتاج الطاقة الكهربائية من الشمس، ويهدفان إلى التفكير برؤية مستنيرة في البحث عن مصادر حيوية ووفيرة للدخل وتنويع الأنشطة الاقتصادية، وتنوع في إنتاج الطاقة باعتبارها مكملا لطاقتي النفط والغاز، وابتكار وسائل بيئية تخدم حياة المجتمعات. وتختص منشأة الاختبار والتي أنشئت على مساحة "35"ألف متر مربع داخل واحة العلوم والتكنولوجيا بالمدينة التعليمية، بدراسة آثار الرطوبة والحرارة والغبار على أداء معدات الطاقة الشمسية ومعالجة التحديات المختلفة مثل الاستخدام الفعال للمياه في تنظيف أنظمة الطاقة الشمسية. هذه المنشأة نتاج خبرات مشتركة بين واحة العلوم والتكنولوجيا ومركز "غرين غلف" و "شيفرون" لاختبار تكنولوجيات الطاقة، والتي ستقوم بتحديد الآليات اللازمة للتطبيق قبل البدء فيها. كما ستدعم تلك المنشأة نشر فكرة استخدام الطاقة الشمسية في منطقة الخليج من خلال توفير معلومات لخطة واسعة النطاق لإنتاج الطاقة الشمسية، إلى جانب أنها تعطي معلومات وفيرة عن التطبيقات الأخرى في تكنولوجيا التبريد الشمسي وتحلية المياه وغيرها. المشروع الثاني ما أعلنته وزارة الطاقة القطرية عن إطلاق مشروع لإنتاج الطاقة الكهربائية من الشمسية الذي تصل طاقته الإنتاجية إلى "200"ميغاوات، وبعدة تقنيات مثل الألواح الكهروضوئية والمراكز الشمسية على مدى السنوات القادمة، وسيغطي المشروع "2%" من كامل إنتاج الدولة من الطاقة المتجددة في 2020، وهذا بمثابة تحول تدريجي في ابتكار أساليب أكثر استدامة. ويعتمد هذا المشروع على معطيات حبا الله تعالى لدولتنا هي الثراء الشمسي في قطر والخليج مما يجعلها مصدراً متجدداً للطاقة، وقاعدة دراسات بحثية مسبقة هي سياسات الدولة الرامية إلى تنويع المصادر، والاستفادة المثلى من مواردها المتاحة، وتحسين كفاءة إنتاجيات الصناعة فيها، وتوطين التكنولوجيات، ودعم مشروعات الربط الكهربائي، وإعادة هيكلة سوق الطاقة بما يتوافق مع الاحتياج العالمي لها. وبينت وزارة الطاقة في دراسة لها أنّ الدولة تتمتع بثراء شمسي هائل لكونها تقع في الحزام الشمسي الذي يوفر ساعات طويلة من السطوع الشمسي، وهذا يؤهلها للريادة في مجال الطاقة الشمسية، ويؤكد ذلك ما تشير إليه قمة الطاقة الدولية للطاقات المتجددة إلى أنّ كل كيلو متر مربع في دول مجلس التعاون الخليجي يتلقى طاقة شمسية تصل إلى ما يعادل "1،5"مليون برميل نفط سنوياً. أما المعطيات العلمية فيحددها عاملان أساسيان هما تطور التقنية المتصلة بالطاقة الشمسية وزيادة كفاءة الألواح الضوئية، وصغر المساحة التي تحتاجها، والثاني هو التوقعات العالمية بانخفاض تكلفة تقنيات الألواح الشمسية إلى "40%" خلال السنوات القادمة. والسؤال الذي يطرح نفسه.. لماذا بدأت الخبرات الدولية تبحث عن مصادر متجددة للطاقة؟ وما الدور المستقبلي المنوط بها؟. بكل تأكيد سيكون هناك دور حقيقي للطاقات المتجددة في التركيبة الاقتصادية للدول، مما يسهم في توسيع الإنتاج الاقتصادي المعتمد على النفط والغاز، إذ إنّ الجهود الدولية بدأت مبادراتها بوتيرة سريعة بعد التأثيرات المناخية التي لحقت بالعديد من المزارع والأراضي الخصبة، وقد تابعنا مؤخراً موجة الجفاف التي ضربت مزارع أمريكا وروسيا والفيضانات التي اجتاحت جنوب شرق آسيا، وموجات الحرارة العالية التي تسببت في إهلاك الأخضر واليابس. فالظروف المناخية التي تعيشها المجتمعات باتت في حاجة إلى البدء في إرساء مشروعات بحثية لبناء بنية تحتية من المعلومات حول الطاقات الكونية من الشمس والرياح والحرارة والأمطار. وإذا تحدثنا عن دول مجلس التعاون تحديداً فقد أدركت منذ زمن مبكر أهمية تنويع الاقتصاد بالتحول إلى الاقتصاد المتجدد، لمساهمته في توسعة القاعدة الإنتاجية لطاقتي الغاز والنفط، وسعياً للحد من تأثيرات الإنتاج الصناعي، وهي ماضية اليوم في تأسيس بنية قوية من المدن الطاقة مثل مدينة قطر للطاقة ومدينة الملك عبدالله للطاقة ومدينة مصدر الإماراتية للطاقة المتجددة. فالسوق الخليجية تستقطب مشروعات عملاقة في مجالات المياه والكهرباء والنقل والمعرفة، والتي ترتكز في أساسها على الطاقة، فدول الخليج تستثمر قرابة "571" مليار دولار في الطاقة والمياه والاتصالات حتى 2016. تشير دراسة ميدانية إلى أنّ دول الخليج خصصت أكثر من "100" بليون دولار لمشاريع المياه في 2011وحتى 2016 بهدف تحسين التقنيات، وتخطط دولة الإمارات العربية المتحدة لإقامة مشاريع معالجة المياه المهدرة، وجاري التخطيط لإنشاء مشاريع بدول الخليج باستخدام الطاقتين الشمسية والرياح بقدرة إجمالية تزيد عن "900" ميجاوات، وتخطط السعودية لاستثمار "100"بليون دولار في مصادر الطاقة النظيفة على مدى العشر السنوات القادمة. ولعل أبرز الطموحات الخليجية التي سترى النور خلال العقد القادم هو اتحاد الربط الكهربائي بين دول التعاون، الذي كلف "1،4"بليون دولار، حيث ستتمكن المنطقة من توزيع الكهرباء بتوازن دون هدر، مما يتيح أمامها سبل الاستفادة من شبكة الربط في مشاريع الطاقة المتجددة، وهذا في حد ذاته ترجمة عملية للطاقة النظيفة. وتؤكد الدراسات أنّ القدرات البحثية والصناعية التي تتمتع بها المنطقة قادرة على الإسهام بفعالية في حل المشكلات المناخية، وقادرة أيضاً على الإيفاء باحتياجات "80%" من إمدادات الطاقة العالمية خلال العقود القادمة.