18 سبتمبر 2025
تسجيلمركز التدريب والتطوير المهني سابقاً، كان من أجمل المشاريع التي أُنشئت في قطر، مع الأسف لم يستمر، كان هدفه إعداد جيل من الفنيين تحتاجه الدولة، رأيت كثيراً من الشباب ذوي المهارات الجديدة في الكهرباء والحدادة والنجارة، لو قدر له أن يستمر وأن يُدعم لحقق نتائج باهرة، هناك اليوم مدرسة التقنية على ما اعتقد"الصناعة" سابقاً، إلا أنها لا تأخذ نفس الزخم من الاهتمام المجتمعي، والسبب ليس قصوراً في الدولة ولكن في نظرة الناس للعمل اليدوي بشكل خاص، والسبب الآخر هو التغيُر الذي أصاب نفوس الشباب لشيوع نمط الاستهلاك المسيطر اليوم على جميع مناحي الحياة الاجتماعية. الأجيال السابقة، كان لديها استعداد وتقبل بعض الشىء للعمل اليدوي، حيث لم تنغمس في الاستهلاك، ولو كانت هناك رعاية حقيقية من ناحية الأجور والدرجات الوظيفية لهذه الطبقة المهنية المتوسطة لامتلكنا كثيراً من الفنيين في جميع المجالات. العجيب أن معظم الفنيين من الأجانب سواء الأوروبيين منهم أو الآسيويين كانوا بمستوى "البوليتكنيك" وهي معاهد متوسطة بمستوى مركز التدريب والتطوير السابق، لكن المجتمع كان وأعتقد أنه لا يزال يرى من خلال عقدة الأجنبي، فنعاملهم معاملة كبار المهندسين والمشرفين في السكن وفي الأجور، بينما هم فنياً بمستوى خريجي معهد التدريب، عندما كنت مسؤولاً من إحدى المؤسسات التي كان يعمل بها عدد من الإنجليز والذين كانوا يحتلون أعلى المناصب، حين سألت عن شهاداتهم، وتفاجأت بأنهم لا يمتلكون في أحسن الأحوال شهادة "البوليتكنيك" وتفاجأ بعضهم بالسؤال، حيث كان يعتقد أن جنسيته كانت تكفي؟. أعرف شباباً تخرجوا من مركز التدريب على درجة عالية من الفنية في العمل سواء الكهربائية أو الأعمال الفنية الأخرى، أذكر أنني في بداية عملي في وزارة المواصلات أيام السيد عبدالله بن ناصر السويدي - رحمه الله -، أول وزير مواصلات في قطر، كنا في حاجة ماسة لكهربائي لإصلاح الإضاءة في مكتب الوزير، وتم إحضار أحد الشباب الذي كان يلبس "البلسوت" الأزرق ومعه معداته وأخذ في العمل مدة اعتقد أنها طالت بعض الشىء، فصحت به " رفيق متى فيه خلاص" لأتفاجأ برده العنيف قائلاً" اشفيك أنا قطري مثلك" تمنيت ساعتها لو أن الأرض تنشق وتبتلعني. لم أتوقع قط أن هذا الشاب قطري، وكنت اعتقد أنه آسيوي بلا جدال، لم أكن متعوداً على رؤية شاب قطري يلبس هذا وبيده "سكاريب ومسامير وأسلاك" أدركت ساعتها أننا كمجتمع أحيانا نكون جزءاً من المشكلة التي نسعى لحلها، لعدم ثقتنا في أنفسنا، وتأثرنا ثقافياً بما يسمى ثقافة "التابع" وهناك أمثلة كثيرة لو تتهيأ الفرصة لذكرتها. [email protected]