10 سبتمبر 2025
تسجيلفي الثامن عشر من نوفمبر عام 2003 قال سمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني في افتتاح الدورة الثانية والثلاثين من دور الانعقاد لمجلس الشورى: إن "الدستور الدائم"، التي تعتبر المشاركة الشعبية، ممثلة في مجلس الشورى المنتخب ركناً ركيناً فيها، كما تؤكد قناعة شعبنا بالمبادئ والأسس التي تضمنها ذلك الدستور. واليوم وبعد سبعة عشر عاماً يعلن لنا حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى في الثالث من نوفمبر عام 2020 في افتتاح دور انعقاد مجلس الشورى التاسع والأربعين عن انطلاق انتخابات مجلس الشورى المنتخب في أكتوبر من عام 2021 في خطوة تعزز إدارة الدولة وتدعم تقاليدها الراسخة في الوفاء بالعهد. وعلى عكس دول كثيرة، فإن الفرح بالتجربة في الوقت الحاضر أكبر بكثير من الفرح بما ستأتي به، والذي بلا شك سيكون في صالح الوطن والمواطن بإذن الله وسيدعم رؤية القيادة في تحقيق رؤية قطر 2030. لقد كان للتدرج القطري في خوض التجربة الديمقراطية أثره على الوصول لهذه المرحلة، بداية من انتخابات المجلس البلدي المركزي الذي عاش المواطن تجربته مرشحاً وناخباً مروراً بالتغييرات الشاملة التي شهدها نظامه الانتخابي والتعديلات التي جاءت لتحسين العملية الانتخابية وفق ما يتناسب مع البيئة القطرية. واليوم ونحن نبدأ خطوتنا الأولى في الطريق إلى مجلس الشورى المنتخب، فإننا علينا جميعاً بلا استثناء دعم هذه التجربة، ودعم نجاحها، لأنها أساس لفكرة يجب أن تستمر وتبقى وتكبر، فالقيادة وضعت الثقة في الشعب، وعلى كل من سيشارك ناخباً أو منتخباً أن يكون على قدر هذه الثقة والمسؤولية الوطنية. ولعل ما قاله سمو الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بأن "لدينا نظامنا الراسخ المتجذر في بنية مجتمعنا والمتداخل معها، وهو ليس تعددية حزبية، بل هو نظام إمارة مستند إلى تقاليد راسخة من الحكم العادل والرشيد المرتبط بالشعب بالمبايعة وعلاقات الولاء والثقة المتبادلة والتواصل المباشر بينه وبين المجتمع"، يؤكد أننا في قطر لدينا تجربة استثنائية على كافة المستويات، سنخوضها وفق ما يتوافق مع عاداتنا وأعرافنا، محافظين فيها على مكتسباتنا وداعمين لكل ما يضمن رفاهية المواطن واستمرار رخاء البلاد. فقطر تحترم كل التجارب الدولية في شكل وطريقة إدارة المجالس المنتخبة، والتي تقرها الدول وفق ما يتوافق مع نظامها السياسي والاجتماعي، وتجربة الشورى المستمدة من تراثنا الإسلامي والقائمة على مبدأ "وشاورهم في الأمر" هي الأنسب لبلد عرف عنه وعن شعبه أنه شعب ينتمي لجذوره الإسلامية ومحافظ عليها وتتناسب مع طبيعة البلاد القائمة على المبايعة والولاء بين الشعب والحاكم. ومع صدور هذا الإعلان فإننا الآن بانتظار المراسيم التي ستتضمن الإجراءات المسيرة للعملية الانتخابية، وخاصة المادة الثامنة والسبعين من الفصل الثالث الذي يوضح نظام الانتخاب وشروطه وإجراءات الترشح والانتخاب، والمادة التاسعة والسبعين من نفس الفصل التي تحدد الدوائر الانتخابية التي تقسم إليها الدولة ومناطق كل منها. ومع هذا الانتظار الذي طال، فإننا أيضاً سنتوق للدعوة التي تتضمنها المادة رقم 86 من الفصل الثالث التي تتضمن دعوة سمو الأمير لأول اجتماع يلي الانتخابات العامة للمجلس والذي سيعلن رسمياً تدشين مرحلة جديدة للسلطة التشريعية في دولة قطر. أتذكر ونحن نسير في الطريق للديمقراطية حديثاً مع زميل لي في هيئة الإذاعة البريطانية كنا نتبادله في أحد طرق لندن عن قطر، وعن الميزات التي يحظى بها المواطن، فقال لي بعد نهاية حديثي: وما حاجتكم للبرلمان إذا كانت لديكم كل هذه المزايا؟، قد يكون سؤالاً واقعياً، لكن الأكثر واقعية أن الدول تتطور، وأن التشريع يمر بمراحل يحتاج فيها لآراء، وأن القيادة الحكيمة هي التي تتماشى مع متطلبات العصر وتتماهى مع رغبة شعبها، وهذا ولله الحمد ما جعل القيادة في دولة قطر تأخذ هذا المنحى وتقر المجلس المنتخب. "الحمد لله الذي بلغنا لتحقيق غايتنا بوضع دستور دائم للبلاد يرسي الدعائم الأساسية للمجتمع، وينظم سلطات الدولة، ويجسد المشاركة الشعبية، ويضمن الحقوق والحريات لأبناء هذا الوطن، تقوم أسسه على مبادئ ديننا الإسلامي الحنيف وتراث أجدادنا وتعكس نصوصه المفهوم الحضاري لواقع انتمائنا الذي نعتز به"، هذه هي الكلمات التي قالها سمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني عندما تسلم في الثاني من يوليو عام 2002 نسخة مسودة الدستور من اللجنة المكلفة، وبعد 18 عاماً نقول: الحمد لله الذي بلغنا لتحقيق غايتنا بالمجلس المنتخب في عهد حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني حفظه الله. [email protected]