11 سبتمبر 2025

تسجيل

العراق ولبنان والطائفية ونظام المحاصصة السياسية

05 نوفمبر 2019

➊ عام 2003 العام الاسود في تاريخ الوطن العربي منذ النصف الثاني من القرن الماضي، انه عام الفاجعة الكبرى في تاريخ العروبة والاسلام، لا احسب ان في تاريخ امتنا عاما يدانيه تجزئة وانحلالا وخرابا ودمارا وذلا وهوانا وفرقة وانكسارا. منذ ذلك التاريخ الاسود نعيش نحن العرب فترة رهيبة من التمزق والفوضى والشحناء والبغضاء ومنذ ذلك التاريخ والملوك والامراء والرؤساء العرب يصارع بعضهم بعضا بالدسائس والمكائد والكذب تارة، والتناحر تارة اخرى، والشعب العربي هو الضحية. ذلك العام، الذي تم فيه احتلال القطر العراقي الشقيق من قبل الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا، وتحت نفوذ الاحتلال وجبروته فرض على العراق الشقيق حكومة عميلة سميت "مجلس الحكم الانتقالي" الذي شكلته ادارة الاحتلال الامريكية، وقد شكل ذلك المجلس على اسس طائفية ومحاصصة اثنية. كانوا جميعا من عملاء امريكا الذين شكلتهم قبل الاحتلال لتقديم معلومات وتزوير حقائق عن العراق بهدف استعداء العالم على النظام السياسي القائم قبل الاحتلال. نصب المحتلون الامريكيون ابراهيم الجعفري من حزب الدعوة طائفي النزعة والموالي لإيران كأول رئيس لمجلس الحكم. لقد تم نهب العراق تحت رايات اللصوص القادمين مع الدبابات الامريكية لاحتلال العراق وتنصيبهم حكاما عليه. سرقت المتاحف التي تحتوي الذاكرة التاريخية للعراق الى ما قبل 6000 سنة قبل الميلاد في عهدهم، وبلغ عدد القطع النادرة المنهوبة من المتحف الوطني العراقي اكثر من 170 الف قطعة اثرية، وسرقت المكتبات والمخطوطات التاريخية. في مجال سرقة المعدات العسكرية والذخائر من معسكرات الجيش العراقي بلغت آلاف الاطنان من جميع انواع الاسلحة بما في ذلك المخزون من اليورانيوم المستخدم في مركز الابحاث الوطني المخصص للاغراض السلمية، وسرب الى خارج الحدود، والبعض يؤكد ان تلك السرقات ونهب مخازن الجيش العراقي قد تم ايصالها الى دولة عدوة للعراق. سرق البنك المركزي وسائر البنوك الاخرى طبعا الذين قاموا بتلك السرقات هم اللصوص الذين اتوا مع القوات الامريكية والبريطانية مما يعرف في ذلك الزمان "بالمعارضة العراقية" اي معارضي الحكم بقيادة صدام حسين رحمه الله، اي الذين نصبوا حكاما على العراق فيما بعد. ➋ ما يحدث في العراق اليوم هو نتيجة حتمية للمقدمات التي ادخلها المحتل وفرض جحافل اللصوص ومكنهم من عصب الدولة العراقية ومؤسساتها ورسم دستورها. يا للهول لما يقول به اعداء العراق بالداخل والخارج عن ثورة اهلنا في جنوب بلاد الرافدين وواسطة وبغداد وما حولها! معلوم ان جل سكان جنوب العراق وواسطة من اخواننا اتباع المذهب الاثني عشري، وهم اليوم وقود الثورة الشعبية في العراق على الفساد والرذيلة والاستبداد وسرقة المال العام. ماذا ينعتهم اولئك المعممون الذين قالوا عنهم "انهم شيعة امريكا" ولا غرابة ان تصدر هذه التسمية من بعض المرجعيات الشيعية، لأن الثورة في العراق هي ضد الذين استولوا على النظام السياسي في العراق وضد كل من ناصرهم وشد من ازرهم من خارج الحدود. لكن عندما اتى هؤلاء مع طلائع قوى الاحتلال عام 2003 من خارج الحدود وفي حمايتهم لم يقل عنهم ما يقال اليوم بأنهم "شيعة امريكا". اذكر اهلنا في العراق وفي كل ارجاء الوطن العربي عندما وقف اهلنا في الانبار والموصل واماكن اخرى من العراق تحديدا في الاعوام الماضية ضد الاستبداد والجرائم التي شنت على اهلنا في تلك المنطقة من قبل "قادة مجلس الحكم" ومن بعده حكومة المحاصصة الطائفية، حرب ضروس، قتل وتدمير وتعذيب وتهجير وغير ذلك، تحت شعار محاربة التكفيريين والدواعش والنواصب واسماء والقاب لا حصر لها، واليوم بنفس المكيال يكيلون لأهلنا في جنوب العراق وواسطة. ما أريد قوله ان علينا جميعا نصرة العراق الابي ليعود الى حضن الامة العربية بعد ان اختطف من قبل مليشيات وقيادات حاقدة باغية. ان تغيير النظام ضرورة وطنية عراقية ابتداء، لأن اسقاط النظام عندي هو اسقاط نظام المحاصصة السياسية والغاء الطائفية وامتيازاتها ليعود العراق لكل العراقيين بكل مللهم ونحلهم. انصروا العراق وشعبه يا عرب ينصركم الله. ➌ لبنان ايضا تسلطت عليه قوى وتمكنت من مفاصل صنع القرار فيه، البعض يذهب به الى جهة هنا او هناك، ساسته معظمهم للايجار لمن يدفع ثمنا اعلى. بالامس وقف رئيس الجمهورية يحيي انصاره الذين رفعوا شعار حزبه واعلامه، وعلم الدولة اللبنانية في المؤخرة البعيدة. منعت ادارة رئيس الجمهورية الجماهير اللبنانية بكل طوائفها من الوصول او حتى الاقتراب من رحاب القصر الجمهوري، لكنه لم يمنع "متظاهري الحزب الوطني الحر" الذي ينتمي له مع صهره وزير خارجية لبنان جبران باسيل. المظاهرة التي سارت قاصدة القصر الجمهوري وطرقاته كانت من اجل شخص الرئيس وحزبه وانصارهم من الطوائف الاخرى. بينما مظاهرات الساحات وحشودها الجماهيرية في كل مدن لبنان كانت من اجل لبنان كله لا من اجل حزب او طائفة، اليوم حزب الرئيس وصهره باسيل يحتل ساحات وحواري وشوارع، وغدا حزب الله وجماهيره الى مصارف لبنان وساحاتها، وكذلك امل وانصارها ويذهب لبنان كله الى فوضى لا سراة لها. المطلوب من جميع الاحزاب الطائفية والجهوية في لبنان ان تجعل مصلحة لبنان فوق مصالح احزابهم وحصصهم من الوظائف العامة والمشاريع الكبرى. الساحات التي اكتظت بالجماهير اللبنانية اولا كانت كلها عابرة للطائفية كلها تردد اناشيد لبنان وترفع اعلامه وتدعو الى القضاء على الفساد والمفسدين وانهاء نظام الطوائف وحصصها من ادارة الدولة كلهم يدعون الى لبنان حرا مستقلا كامل السيادة ولم يقل احد بإلغاء المقاومة او المساس بها في كل شعاراتهم. آخر القول: سمعنا كلاما جميلا من قيادات لبنانية وعراقية مرموقة، لكن ينطبق عليهم قول الحق "ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام" تحية لشعب لبنان وكذلك للشعب العراقي الأبي. [email protected]