16 سبتمبر 2025
تسجيلهو اليوم الثالث في الشهر الثاني، منذ أن نفذ فريق الاغتيال السعودي جريمته الوحشية في الإعلامي جمال خاشقجي، والتي أثبتت التحقيقات التركية أنها ليست الأولى له، وأنه سبق لهذا الفريق ارتكاب مثل هذه الجرائم المروعة. وهو نفسه اليوم رقم ( 33 ) منذ أن غاب مغرد وقلم حر عن الساحة الإعلامية الخليجية والعربية والعالمية، بعد أن ظن صاحبه ذو النوايا الطيبة أن ( قنصلية بلاده ) لا يمكن أن تكون يوماً من الأيام جزءاً من مخطط إرهابي وحشي يدخل فيه منشار لا يرحم فيفصل الرأس عن الجسد، ثم يُذاب الجسد ويتحلل، بينما يستقر الرأس في قصر اليمامة حتى يطمئن ويتأكد الآمر بالجريمة أنه قد تخلص فعلاً من صداع استمر لقرابة عام للأبد ! وكل يوم تظهر حقيقة ويشتد الخناق على رقبة ولي العهد السعودي، الذي لم يترك قشة واهنة إلا وتعلق بها، آملاً ومتأملاً أن يكون فيها الخلاص والنجاة، حتى وصل به الحال لأن يكون محامي دفاعه في بهو البيت الأبيض قاتلا مثله ومجرما مثله، ولا ضرر إن قلنا شخصاً كريهاً مثله!. فقد رأينا نتنياهو وهو يتغزل بالسعودية وقائدها الفعلي محمد بن سلمان، ويؤكد على ترامب ألا يفرط في شخص مثله. بينما في المقابل كان وزير خارجية البحرين هو الآخر يتغزل في نتنياهو بعد إشادته بولي عهد السعودية، ويرى في كلامه إلهاماً وبُعداً سياسياً حكيماً، على الولايات المتحدة الأمريكية أن تأخذه في الاعتبار قبل التفكير بأي عقوبات قاسية على الرياض! . فهل بغريب بعد هذا لقاتل الشعب الفلسطيني الأعزل، وناهب أرضه وعرضه ومن يعتقل كل صاحب رأي مخالف له في المذهب والطائفة ويحرم شعبه من العيش الميسور إلا أن يصفقا لقاتل وسارق لثروات ومقدرات بلاده مثلهما ؟! . كنتُ قد كتبت منذ فترة عن أن الأمور في جريمة اغتيال الشهيد جمال خاشقجي تسير إلى اتفاق تركي سعودي أمريكي لطمس معالمها وتمييعها حتى يملّ المترقبون من انتظار ما تنتج عنه وتلحق بسابقاتها من عشرات قصص إخفاء وإقصاء واغتيال الصحفيين، التي تم إهمالها وتناسيها فماتت مع الوقت، خصوصاً وأن الخطاب الأول للزعيم أردوغان والذي سبقه إعلان مدوٍّ في أنه سيكشف تفاصيل الجريمة بخطوات غير عادية كان شحيحاً في معطياته. ولذا كان الاعتقاد الأول لي هو ما يجب أن أكرر اعتذاري عنه هنا في زاويتي اليومية بعد أن قدمته على حسابي الموثق في (تويتر). فقد جاءت تصريحات أردوغان اللاحقة مزلزلة ليس لنفوسنا المتعطشة للحظة الحقيقة الكاملة ولكن لمن يسكن قصر اليمامة، وربما من بات معتكفاً في جناحه الملكي ينتظر اختيارات لحلول تنقذه، أو اتصالاً من صديق ينجيه، أو حذف أصول القضية برمتها ليعود إلى سلطته وتسلطه وهوايته في تصدير المناشير وجمع الرؤوس!. وما يعلن عنه الرئيس التركي كل يوم قولاً أو كتابة يؤكد للمجتمع الدولي بأسره أن ما يفكر به العالم من حكومات وشعوب ومؤسسات هو الصحيح، وأن محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود هو الآمر الفعلي لهذه الجريمة المروعة والغبية في آن واحد ! . فبعد أن صرح بأن كل الروايات السعودية المتناقضة تهدف لإنقاذ شخص ما، عاد هذا الزعيم ليكتب في أعرق وأهم صحيفة أمريكية هي الواشنطن بوست، أن الأمر بقتل خاشقجي صدر من سلطات عليا في المملكة ولا يمكن أن يكون هذا الأمر قد صدر من الملك سلمان نفسه ليترك الباب مفتوحاً لإكمال الفراغ بما لا يدع مجالاً للشك بأنه نجله المتهور محمد !. ولعل اللقاء المرتقب بين الرئيس أردوغان وترامب هو من سيسمح بالحلقة الأخيرة من الحقائق في هذه الجريمة أن تُبث كاملة دون حذف، وربما سيظهر اسم ولي العهد السعودي جلياً وصريحاً، وسيترك الباب مفتوحاً للإجراءات الدولية والأمريكية والأوروبية في حق مدبر هذه الجريمة التي ما أزال أصفها بالغبية، ويشاركني بهذا الرأي المفكر السعودي الكرتوني تركي الحمد، الذي قال في مقابلة تلفزيونية إن الرياض ليست بذلك (الغباء) لتفكر في قتل خاشقجي في قنصليتها الدبلوماسية، وتثبت التهمة عليها، واصفاً أنه في حال ثبوت تورط (قطر) بقتل خاشقجي فيجب أن تنتفي عنها صفة الدولة، ليأتي الاعتراف السعودي سريعاً بعدها : ( نحن من قتلنا خاشقجي في قنصليتنا بإسطنبول ) وينزوي الحمد بعدها منكراً كالعادة ما قاله رغم توثيقه بالصوت والصورة والبث الذي لا يزال (يوتيوب) يحتفظ به وليس له نية في حذفه !. عموماً، ربما تكون أخبار جديدة صادرة حتى وقت نشر هذا المقال، لكن ما تسير عليه المعلومات حتى الآن يثبت تورط الأسرة الدبلوماسية السعودية في قنصليتها، وعلى رأسها القنصل محمد العتيبي الذي فر قبل ساعات من تفتيش منزله، والإعلان اللاحق الذي يثبت أن التخلص من بقايا جثة خاشقجي تم في بيته وبعلم منه، ولذا يبدو أن هناك فوق الـ 18 متهماً الذين تطالب أنقرة بمثولهم في محاكمها. والله وحده يعلم أي رواية كاذبة جديدة تجهز لها الرياض ولن يصدقها سوى الذباب ! . فاصلة أخيرة : للحق دولة وللباطل جولة ! . [email protected]