13 سبتمبر 2025
تسجيلأبدى معالي الدكتور عبد اللطيف بن راشد الزياني، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، استنكاره "للهجمة الإعلامية غير المسؤولة"، التي تقوم بها بعض وسائل الإعلام القطرية تجاه مجلس التعاون والأمانة العامة لمجلس التعاون ممثلة بأمينها العام، ووصفها بأنها حملة ظالمة تجاوزت كل الأعراف والقيم والمهنية الإعلامية، مستخدمة خطابًا غير معهود من أبناء الخليج ومليء بالتجاوزات والإساءات والتطاول". نحن – كما شهدنا خلال حصار الدول الثلاث الأعضاء في مجلس التعاون، إضافة إلى مصر- استنكرنا أيضًا صمت الأمانة العامة ممثلة بأمينها العام، تجاه ما يجري على الساحة الخليجية منذ خمسة أشهر، وكأن الأمانة العامة تقع في (أنترتيكا)!؟ ولأن شخصية الأمين العام -كما يدرك كل من هم حول الأمين العام– شخصية عامة، ويجب أن تتصدى لكل ما يهم مواطني مجلس التعاون، فإن المواطنين – مُمَثلين بالصحافة القطرية - لابد وأن يسألوا الأمين العام عن سر صمته الطويل، وهذا ليس تجاوزًا أو مخالفة للأعراف ولا هي إساءات – كما وصفها معالي الأمين – لأنها حق من حقوق المواطنين، وأنها ليست خروجًا عن "الأعراف والقيم والمهنية الإعلامية"!؟ بل إنه حق شرعي لكل أبناء التعاون، طالما هم آمنوا أن مجلس التعاون هو قدرهم الجميل ومحط آمالهم وتطلعاتهم. إن "الحملة الظالمة" التي كان يجب على الأمانة العامة التصدي لها، هي اختراق موقع وكالة الأنباء القطرية من قبل إحدى الدول الأعضاء في مجلس التعاون، وكان يجب على الأمانة العامة –ممثلة بأمينها العام– أن تشجب هذا الاختراق غير الودي ولا الأخلاقي، وتدعو إلى عدم استمرار الهجمة الإعلامية – التي رُتبت ترتيبًا ضخمًا لفجر 5/6/2017 – على دولة قطر، لأنها "تصر ولا تنفع، وتفرق ولا تجمع" كما جاء على لسان معالي الأمين العام!؟ أنا أعتبر الأمين العام لمجلس التعاون، بدءًا من الدكتور عبد الله بشارة، والشيخ فاهم القاسمي، وجميل الحجيلان، وعبد الرحمن العطية، وعبد اللطيف الزياني أصدقاء لشعوب الخليج، وهم يمثلون النبض الشعبي الذي نأمله أن يُضخ في الأمانة العامة، حتى تخرج عن كونها "مجلس شيوخ"، ومن باب العتب يجوز أن نفاتحهم بما يعتلج في صدورنا، خصوصًا وقت الأزمات الكبيرة، كما نشاركهم الفرحة في كل قمة خليجية. كما يدرك معالي الأمين العام الأخ عبد اللطيف الزياني أن الأمانة العامة تمثل كل الدول الأعضاء، ولا يجوز أن تنتصر أو "تجامل" دولة من الدول على حساب الدولة الأخرى! ولقد عبّر مسؤولون قطريون عن حرصهم على تماسك مجلس التعاون، والسعي لعدم تفككه وانهياره، كما جاء على لسان حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد أل ثاني أمير دولة قطر، "سأتقدم 10 آلاف مثيل للمصالحة إن تقدم الأشقاء مترًا واحدًا"؟ ألم يحرك هذا النص نبضًا في عروق الأمانة العامة؟! والتي بدت "مختطفة" منذ بدء الحصار الظالم على دولة قطر! كما أننا في دولة قطر قد تجاوزنا "الكهنوت السياسي" فيما يتعلق بحرية الكلمة، وأصبحنا نخوض في المواضيع التي تُعتبر من "التابوهات" في عُرف بعض الدول الأعضاء في مجلس التعاون، وعلى الأمانة العام تشجيع هذا النهج الشعبي المتحضر، بعيدًا عن الممالئات وعادة "حب الخشوم" التي سادت أعمال ومداولات مجلس التعاون منذ 1981. إن المرحلة التي يمر بها مجلس التعاون هي من أخطر المراحل، وتحتاج إلى المكاشفة، والسعي للملمة الجراح، وفتح العقول، من أجل تماسك مجلس التعاون، وتحقيق الخير والرخاء لشعوبه، ويوحد كلمة الدول الخليجية، وهو قد أثبت أنه من أقوى التجمعات العربية! وما يجري اليوم أمر مؤسف، وكان يجب على الأمانة العامة التحرك منذ بداية اختراق وكالة الأنباء القطرية، وتدعو إلى التمسك بـ"الأعراف والقيم والمهنية الإعلامية"! كما كان يجب أن تُدين الأمانة العامة استمرار الحملات الإعلامية بين الدول الأعضاء، بما فيها تلك التي صدرت من أشخاص في دولة قطر، وتدعو إلى الالتزام بتلك المهنية التي دعا إليها معالي الأمين العام. كان بودي لو طلب معالي الأمين العام ملفَ وزراء الإعلام لدول المجلس، واطلع على قرارات الوزراء منذ تأسيس المجلس! حتمًا سيجد في تلك القرارات ما يمنع (اختراق وسائل الإعلام في الدول الأعضاء)، ولوجد أن ما تقوم به فضائيات وصحف دول الحصار – الدول الأعضاء في المجلس – يخالف جدًا المبادئ التي قام عليها مجلس التعاون، ويخيب تطلعات وآمال شعوبه. ولئن صمت معالي الأمين العام لمجلس التعاون طيلة خمسة شهور، فما الذي استجد حتى يخرج عن صمته، ويتحدث الآن عن شيء "يضر ولا ينفع، ويفرق ولا يجمع"؟ كما أن من صفات الأمين العام – إضافة إلى الذكاء والكياسة – أن يكون "وسيع الصدر"، ولا يضيق ذرعًا بآراء المواطنين، سواء في دولة قطر أم في بقية دول المجلس، لأنه يمثل النبض الشعبي – كما يعتقد كثيرون – بل إنه حلقة الوصل بين تطلعات شعوب المجلس وبين قادة دول المجلس. لقد تطور ونضج الفكر والتفكير لدى شعوب التعاون، وما عادت خطابات الخوف أو "الصمت الاجتماعي" أو "الكهنوت السياسي" تؤثر في كل شعوب المجلس، كما أن الانفجار المعلوماتي، وتطور التكنولوجيا، والمطالبات الدولية بحرية التعبير وحقوق الإنسان، تحتم أن تكون هنالك شفافية في تعامل المؤسسات الإقليمية مع الشعوب، ومنها الأمانة العامة لمجلس التعاون، والتي نحترم عملها ونقدّر جهود كل العاملين فيها، خصوصًا إدارة حقوق الإنسان التي كنا نأمل أن تصدر بيانًا عن الأضرار التي لحقت بالإنسان القطري جراء الحصار، لأن ذلك من صلب عملها، وكان يجب على معالي الأمين العام أن "يستغرب ويستنكر ويستهجن" صمتها عما جرى في دولة قطر! نقول: كان من المفترض – بعد اختراق موقع وكالة الأنباء القطرية – أن يخرج معالي الأمين العام ببيان معتدل يدعو إلى التمسك بقيم وأعراف الإعلام، وضرورة الحفاظ على اللحمة الخليجية وتطلعات الشعوب، وينادي كل الدول بالالتزام بالنظام الأساسي، ووقع الحملات، ويرفع الأمر إلى أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس، وبهذا يكون الأمين العام قد مارس دوره ومهامه الناجحة والناضجة، لا أن يدع الأمور تسير إلى الهاوية بين الشعوب التي يحرص على توحدها وحمايتها، ثم يخرج بذاك البيان العاتب الخارج على كل مبادئ الذوق والأعراف المعمول بها في الأمانة العامة، وهذه سابقة تحدث لأول مرة منذ عام 1981!؟ كما كان على الأمين العام توجيه أصحاب المعالي وزراء الخارجية والإعلام بدول المجلس، أن مصر ليست عضو في مجلس التعاون، ولا يجوز دعوتها لاجتماعات كتلك التي عُقدت أكثر من مرة، وبدلًا من ذلك كان عليه أن يجمع أصحاب المعالي وزراء الإعلام – كبادرة حسن نية – لوقف الحملات الإعلامية بين دول المجلس. وبكل صراحة نكرر أن ما صدر عن معالي الأمين العام لمجلس التعاون يتنافى مع دوره ووظيفته التي تحتم عليه أن يكون على اتساق مع جميع الدول الأعضاء على الدوام، بل إنه وقت الأزمات، يكون أكثر حيادية لمحاولة جمع المختلفين وإيجاد الحلول لأسباب الخلاف!؟ ولعله كان من المفيد أن يرجع معالي الأمين العام إلى النظام الأساسي ويطلب تفعيل هيئة فض المنازعات (المادة 10 من النظام الأساسي)! نكرر أن بيان معالي الأمين العام لمجلس التعاون كان رسالة صادمة لكل الشعب القطري والعقلاء من أبناء التعاون، كما أنها صادمة بحق القيادة القطرية التي آمنت بدور مجلس التعاون وساندته في كل مراحله، كما أن توقيت إصدار ذاك البيان له دلالات لا تغيب عن بال أي عاقل؟! لذلك، فإن ما صدر عن بعض وسائل الإعلام والأفراد في دولة قطر حق مشروع لتقصير بائن من الأمانة العامة لمجلس التعاون، ممثلة بأمينها العام، لاحظهُ كل المراقبين، وعامة الناس. ونأمل أن يراجع معاليه نص بيانه، ويناقشه مع "فقهاء" التعاون حوله، لأنه في حقيقة الأمر بيان جانبهُ الصواب والحكمة والتوقيت، وجاء كـ"بيان حرب" من الأمانة العامة على دولة قطر. ونتمنى للأمانة العامة التوفيق في حمل أمانة التعاون، حسبما نص عليه النظام الأساسي للمجلس.