الرذائل والفضائل.. وما بينهما من فوارق

ماذا جرى لنا؟! الرذائل اصبحت فضائل والوفاء اصبح غفلة والاكاذيب اصبحت حقيقة والعلاقات الاسرية اصبحت رجعية، اختلفت المعاني وأصبحت الكلمات لا تعبر عن مضمونها.. كانت الامانة صفة شائعة فأصبحت أقلية نادرة، اختفت المروءه والشهامة والصداقة والعشرة الطيبة وغيرها من الصفات الجميلة التي عرفناها في مجتمعنا، وحلت مكانها صفات غير مألوفة لدينا، فالكذب وضرب الخناجر في الظهور والنميمة عوامل تغلغلت في نفوس الناس حتى غدت الرذائل تطفو ولا تجد من يردعها.اليس هذا الانقلاب في مكتسبات المجتمع هو نتيجة اكتساح المادة والمال بين الناس؟ هذا المال الذي قلب موازين الحياة منذ ان حلت علينا النعمة من اوسع ابوابها وعشنا فيها سنوات طويله، تراجعت فيها القيم وانتكست فيها الاخلاق واستشرت المظاهر الخداعة، واصبح التفاخر بمن يملك اكثر ويبذّر اكثر ويحتقر الناس اكثر، اليس كل ذلك حدث وجلب معه هذا الغلاء الفاحش الذي زاد الناس فقرا وحرمانا وبؤسا؟كنا في الماضي القريب فقراء ومعدمين، لكن الناس كانت لديهم رجولة وشهامة تضرب بها الامثال، كانت الاسرة مترابطة متحدة يموت فيها الواحد دفاعا عن اخيه، واليوم نسمع عن شقيق قتل شقيقه من اجل ورث على ارض او خلاف على توزيع الثروات، افلتت اعصاب كثير من الناس وأصبحوا يتشاحنون ويختلفون في خلافات اعيت القضاة بمتابعتها عبر المحاكم التي اصبحت تعج بمثل هذه الحالات بين الاخوة والاشقاء.لم يعد الوضع كما كان وظهرت على السطح للاسف صفات ونماذج يندى لها الجبين حياء من سوء ما نسمعه ونراه بين افراد المجتمع، فلم يعد الابن يحترم اباه الا بالفلوس، فاذا كان الاب فقيرا فالويل له من اهانات الاولاد واحتقارهم.. اصبحت المحبة بالثمن، ادفع لابنك يحبك أو لا تدفع له فيتجاهلك ويخاصمك ولا يسأل عنك، ومصيرك سرير العجزة.اصبح الحنان والحب موضه قديمة لا تعرفها بعض بنات اليوم الا اذا كانت مصحوبة بشيك، فاذا خلت من الشيك فلا حب ولا حنان. اصبحت الصداقة منفعة فاذا لم استفد من صديقي فلا صداقة ولا وفاء.نحن في حاجة الى بعث علاقتنا الحلوة التي انتقلت الى رحمة الله وواريناها التراب، نريد ان نسترجع تلك الايام العظيمة بعد ان جرفتها مظاهر الحضارة التي عكست كل مكتسباتنا، لقد كنا في يوم من الايام نستمتع بالصداقات الجميلة وباحترام الابناء لآبائهم وامهاتهم، وبحب الآباء لابنائهم واحترام الزوجات لأزواجهن، وشدة الترابط الاسري.هل فعلت زيادة المال بين الناس كل هذا الهوان؟ لِمَ لا.. وسلامتكم.