13 ديسمبر 2025

تسجيل

"تجربتي" والشرق 25 عاماً

05 نوفمبر 2012

• رغم أنني عملت في وظيفة مصرفية إلا أنني لا احبّذ كثيراً لغة الأرقام كبديل للعلاقات الإنسانية وقد يكون ذلك ايضا متعاضداً والرأي الذكوري القاطع بأن النساء لا يحبّذن تذكار عدد سنين عمرهن او أرصدة حسابتهن.. ولكن. • أشرقت شمس اليوم الاثنين الخامس من نوفمبر 2012 وصحيفة الشرق تكمل عامها الـ 25 وأجد نفسي وكأني أقف على قمّة هرم وأنظر لأسفله أنه منظر غاية الروعة بتراكمات الخبرات والمعارف في الحقل الإعلامي وقد يكون النمسوى "فيليكس" أحسّ نفس المتعة الحسية وهو يغامر بالقفز من الغلاف الجوي ويسجّل رقماً قياسياً عالمياً.. نعم هناك تشابه وإن اختلفت التجربتان هو استنشق هواء وانا بدوري استنشقت هواءً بارداً واخرجت كثيراً من الهواء الساخن من صدري وهكذا. • الشرق كانت ولا زالت بيتي الذي عمرته "طوبة طوبة" وهي الآن إحدى كبريات المؤسّسات الاعلامية بمكوناتها من مطابع حديثة وادارات فنية ومهنية في مجالات الاعلان والاعلام والتوزيع وليس أدلّ على نجاحها فقط الصحيفة وملاحقها التي تصل لأيادي القراء صباحاً ومع فنجان القهوة وقد تسبقه بدقائق معتبرة. • في الثمانينيات كان الرقيب يتّصل بنا قبل منتصف الليل لانه قرّر ان المقال لا يصلح للنشر وفي احسن الاحوال كان يقتطع فقرة او اكثر وحينما يختلّ قوام المقال يلجأ للكاتب ليسعفه لتترابط بشرط ان ينسى ما تم "اقتطاعه" من قلب المقال ولم يكن ذلك يزعجني كثيراً لان الرقيب لا يخفي سراً حينما يقول انه "عبد المأمور" وغالباً ما كنت احتفظ بمقال بديل لأسرب المقال "المغضوب منه" حين ميسرة او "غفلة رقيب". • الغيت وزارة الاعلام فخفّ ظلّ الرقابة وقصرت ايادي الرقيب بل ألغيت مهمته الليلية ولكن ظهر جسم آخر ذو "بأس وقوّة" أكثر مما سبقه وهو ما يعرف بالرقابة الذاتية وهؤلاء كانوا أثقل على القلب ممن سبقوهم وأحسب ان ذلك يرجع لان كلّ من تمر عليه المقال يتحسّس كرسيه والكلمة قد تماثل له القنبلة الموقوتة. • من أكثر المؤسّسات التي صوّبت نحوها احبار قلمي كانت التربية والتعليم لقناعة ان هذا الماعون يماثل اركان المجتمع حيث دلفت المرأة القطرية العمل من بوابته وما كان مسموح للصحفي "المخبر والمحقق" ان يدلف لمدرسة بنات او يحضر فعالية تربوية تعليمية ولكنه كان بالمرصاد "لا أعاد الله سيرته" يقص ويقطع وكأن خياله لا يستوعب ان ذلك الفعل إن كان سلباً او إيجاباً يحدث بين اسوار مدارس البنات فالقطع وارد حتى ولو كان المقال ينقل واقع يوم معايشة اسرية او انجاز علمي بأيادي الطالبات او معلماتهن. • رويداً رويداً ارتفع الستار ليدلف الرجال لساحات مدارس البنات صحفيين وآباء ومجالس امناء في شراكة مجتمعية معلنة فخفّ مشرط الرقيب الذاتي فقد شهد شاهد من الجنس الخشن بتفوّق بنات حواء وهكذا استقام العمل. • الان قبيلة الصحفيين يعيشون العهد الذهبي للحرية الاعلامية التي كسرت أقفالها قناة الجزيرة ويحسب لهم أجر "المعافرة" وكلٌ وبحسب ادواته وقدراته حتى تحقّق الكثير وجلب لقطر الحسد والغيرة العمياء من محيطها الاقليمي والعالمي وطيلة تعاوني ككاتبة بصحيفة الخليج اليوم والشرق حالياً لم تقف علاقتي عند إرسال ما يخطّه ذراعي بل ساهمت بحوارات صحفية مع شخصيات مميّزة بأدوارها وشخصيتها المحورية ابرزها في اوائل التسعينيات مع قيادات المرأة القطرية واخيراً مع الفاضلة شيخة المحمود اوّل وزيرة خليجية وقطرية واخر مع رئيس السلطة الانتقالية لدارفور ما اطلقت عليه "سكة سفر د. تجاني السيسي". • ما سهّل تعاوني والشرق ان الاستاذ جابر الحرمي رئيس التحرير شخصية منفتحة متواضعة يصنع دائماً مساحات تواصل مع الجميع ولا نجد حرجاً في تقديم فكرة طالما تضيف جديداً للمؤسسة وكثيراً ما تقدّمت باقتراح وجد حظه في التنفيذ كما ان "أبو سالم" له القدرة الفائقة على تمرير كشوفات المستحقّات المالية في الحدود الدنيا رغم انها لا تليق بأسماء الكتاب المحلّيين الذين دائما ما تراصوا من اجل ان تكون الشرق مشرقة مع صباح كلّ يوم جديد. • اليوم اجدني اتحسّس رصيد حسابي فأجده لا يساوي اثمان الاحبار التي دفقتها لكني دائما فضلتها على الاخريات وفي غاية السعادة وانا أمعن النظر للهرم الذي ساهمت فيه بدفق افكار وأحبار ورؤى ويكفيني فخراً ان اكثر من صحيفة الكترونية تنقل مقالي نقلا عن الشرق كسودانيزاولاين وسودنايل وشبكة ديارنا الشاملة بالرياض واخيرا اخبار العالم الان السعودية. • اما سياسة الشرق ان تعمل كثيراً وتأخذ قليلاً فهي ضمن فلسفة ما يعرف بـ "على خشمي" وتتشابه والتقرير الذي اعدّه ميدانيا مندوب البنك الدولي بالسودان حينما ذكر أن الفارق الكبير بين دخل المواطن السوداني وبين منصرفاته يغطي من بند "مستورة والحمد لله" ولله في خلقة شؤون. همسة: مرحباً بكوكبة الشباب الذي دلف حديثاً للشرق ولمزيد من الإنجازات في سماء الإعلام المفتوح.. فقط أطلقوا أياديكم بمزيد من الريالات او حتى الدراهم يرحمكم الله.