15 سبتمبر 2025
تسجيلكم جميل ان يشار لبلدك بالبنان ويُعرف بما تترجمه إنجازاته، وهذا ما جعل قطر في مصاف دول الطليعة في مختلف المجالات. في استراليا.. أشار بروفيسور ياباني مخضرم لطلابه في محاضرة له في جامعة كانبرا العاصمة الاسترالية الى انه مدعو لمؤتمر في بلد صغير جدا ولكنه متطور جدا في نظمه وبرامج تعليمه وحقق فيها تقدما عالميا ملموسا. وسأل: هل تعلمون ما هو؟ والتفت الى خريطة العالم مكبرا خريطة دولة قطر وسأل: هل تعرفون هذه الدولة؟ أجابته احدى الطالبات من زوجات الدبلوماسيين من الكويت الشقيق وهي فرحة فخورة: "هذه قطر" ولأن الشيء بالشيء يذكر لا يفوتني ان أذكر — على سبيل المثال — أنني تنقّلت في تعليم أبنائي على التوالي الى قارتين ناطقتين باللغة الانجليزية، الأولى أمريكا الشمالية والثانية استراليا ولم أجد في تنقلهم صعوبة تذكر نظرا لتقدم ومرونة نظام التعليم القطري في المعايير الدولية التي حققتها مبادرة "تعليم لمرحلة جديدة" وفي اللغات في كلا النظامين الحكومي والخاص، خصوصا ان ابناءنا يُسألون بانبهار: أين تلقيتم تعليمكم؟ ولا يفوتنا في هذا المقام ان ننتهز هذه الفرصة لأن نتقدم بجزيل الشكر والتقدير على ذلك لصاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر وان كان لنا وقت تطبيق المبادرة تحفظ على اجتزاء حصص ومنهج اللغة العربية والعلوم الشرعية مما تم تناوله في مقالات سابقة في حينها. وفي قطر.. تشرّفت منذ عدة اشهر بتلبية الدعوة الكريمة لحضور حفل تكريم الأعضاء السابقين لمؤسسة قطر، ولفت انتباهي في كلمة سموها نبرة الفرح المشوب بالبكاء وهي تشرح — كأم — كيفية بلوغها هدف تأسيس أكاديمية قطر — وقد كانت وقتها حرما لولي عهد قطر — عندما لم تجد مدرسة تحقق طموحها وهي تريد ان تضمن لأبنائها فرص التعليم الجيد منوهة بـ "أن أكاديمية قطر هي البذرة التي انطلقت منها مؤسسة قطر" وهي حقا نعم البذرة التي رأيت ومن خلال تجربة شخصية انها فعلا من أفضل المدارس في قطر، إن لم نقل أفضلها. لعلنا لا ننكر ان تلك الروح، روح الأم "لسبعة أطفال" حينها انطلقت الى روح الأم الكبرى "أم المجتمع" بصفتها حرم سمو الأمير، ووقتها رئيس المجلس الأعلى للتعليم، وانطلقت من بوتقة تأسيس تعليم خاص الى مظلة التعليم العام بهدف أسمى أريد منه المجتمع القطري بأسره شاملا من يقطنه، لأن حق التعليم الزامي ومكفول للجميع. وربما اختلفنا — كشعب — في حيثيات عدّة وربما اتفقنا على أمور في مبادرة تعليم لمرحلة جديدة، وربما لا نزال مختلفين على بعض من تطبيقاتها او حتى كثير منها، ونتفق في جدوى بعضها وعدم جدوى الآخر، إلا ان هناك حقيقة لا نختلف عليها جميعا ولا ينكرها التاريخ وهي ان هذه التجربة صقلت المجتمع القطري بحق من مواطنيه ومقيميه وقاطنيه بل نقلته حقا الى "مجتمع المعرفة" إذ كرّست المعايير الدولية بل وعززت بيئة التحليل والنقد والتقييم بإيجابية وخلقت فرصا جديدة لتعليم اللغات والمهارات المختلفة وانتقلت بالمجتمع من مجتمع الاستهلاك والتلقين والتلقي الى مجتمع الإنتاج والابتكار، تتوجها فرص عديدة كان فخرا لنا ان تكون سفيرا لقطر في العالم كما أشرت سلفا. ولأننا نتفق ونختلف كظاهرة طبيعية تنمو مع اي مبادرة تغيير او تجديد، فرحنا مؤخرا بالإنجاز الكبير بعودة التعليم في قطر وضمن معاييره الدولية ايضا الى حضن اللغة والشريعة في منهجيهما كمنهج متكامل وليس مجتزءا كما سبق، وكان لنا أن نفخر بأن ألزم بمنهجيهما التعليم الخاص ايضا. تحضرني تجربة "أكاديمية قطر" كنموذج جدير بأن يُحتذى بعد ان تلقيت رسائل مقلقة من طالبات متفوقات في ثانوية المستقلات الحكومية حاليا يشكين مشاكل تواجههن وتهدد مستقبلهن الدراسي جرّاء تغيير نظام التعليم المستقل هذا العام فجأة دون سابق تهيئة للمرسل وللمتلقي. كنا نتمنّى لو طٌبق في مدارس قطر توأمة لنظام أكاديمية قطر دون أن تتكبّد المدارس المستقلة عناء النقلة الى التغريب فجأة عام 2002 او التعريب فجأة عام 2012، هذا ناهيك عن حذو حذوها وحذو أفرعها في التعاملات الإدارية المهنية التي برزت مؤخرا من قبل خلية العمل من السواعد القطرية والعربية والأجنبية خصوصا بعد تقلد امر الأكاديمية من الإدارة العليا في "مؤسسة قطر" لشخصيات قطرية نسائية مهنية قديرة نوجه لهن كل الشكر والتقدير. واخيرا كلنا ثقة في أن من جاهدت لصنع "مؤسسة قطر" من بذرة، لن تبخل على أبنائها ليكون التعليم الحكومي اليوم كما الأكاديمية والمؤسسة دوحة وارفة الظلال يستظل تحت أمان واستقرار نظمها الجميع. هذا وكلنا أمل في ان تصبح الدوحةُ دوحاً وان تنتقل تجربة الأكاديمية الى بلاد المَهْجر لتكون أكاديمية قطر كما الأكاديمية السعودية صرحا تعليميا يتوّج العواصم العالمية المهمّة.