11 سبتمبر 2025
تسجيلمن المؤكد حقيقة ـ لا وهما ـ وجود جهات كـ"تنظيم الدولة" وقبلها "تنظيم القاعدة" التي تصنّف ضمن خانة التطرف والإرهاب تبعا لكثير أو قليل من أفعالها وسلوكياتها، تماما مثلما توجد حركات متطرفة أخرى كحزب الله اللبناني وتنظيمات طائفية أخرى تصنف ضمن نفس الخانة بسبب ما تقترفه يداها ضد أبناء الشعب السوري وغيرهم، أو مثلما هي حال تنظيمات عنصرية وعنيفة في أوروبا وآسيا موجودة حتى الآن أو بائدة مثل "إيتا" و"نمور التاميل".لكن من المؤكد أيضا أن دولا وجهات تستغل ما يسمى الإرهاب المتصل بـ"تنظيم الدولة" وقبله "تنظيم القاعدة"، أو تضخّم من حجمه وقوته ودوره، أو تدفع باتجاه بقاء تشكيلاته ولو إلى حين، لأغراض مختلفة كتشويه الصورة الذهنية للأديان والمعتقدات مثل الدين الإسلامي، أو شنّ حروب تحت هذه اللافتة لتحقيق أطماع توسعية أو مشاريع وطموحات خاصة وضيقة، وكلنا يذكر كيف أخضعت الولايات المتحدة العراق لحملة تفتيش دولية بسبب ما يسمى أسلحة الدمار الشامل، ثم خاضت حربا ضدها عام 2003 بحجة وجود هذه الأسلحة لدى نظامها الحاكم، ليتبين لاحقا زيف هذا الادعاءات باعترافات وزير الخارجية الأمريكي آنذاك كولن باول، وهي على الأقل بتصرفاتها الظالمة تدفع الناس إلى أحضان هذه الجماعات، وتفكيرها ومنهجيتها. واليوم أكثر من أي وقت مضى يلتقي الأمريكان والروس وقوى إقليمية أخرى على استخدام مكافحة الإرهاب كشمّاعة قذرة للتغطية على حروبهم واجتياح أو احتلال أجزاء من منطقتنا كالعراق وسوريا والحصول على مناطق نفوذ فيها، إلى أن وصلوا حد المزايدة على بعضهم البعض، وتخوين كل منهم للآخر باسمها، ليفتضح أمر النوايا التي تختبئ خلفها. وعلى هذه الخلفية شنت مؤخرا ملاسنات بالتصريحات بين الخارجيتين الأمريكية والروسية تكشف عن سوء هذه النوايا فهذا وزير الخارجية الروسي لافروف يعلن عن توصل حكومته إلى استنتاج مؤداه أن هدف الولايات المتحدة منذ البداية كان حماية "جبهة النصرة"، ويشير في موقع آخر إلى تراكم الأدلة التي تحمل روسيا على الاعتقاد بتخطيط واشنطن منذ البداية لتحييد تنظيم "النصرة" عن الضربات الجوية، واستخدامه في إسقاط حكومة بشار الأسد. ثم يلبث الناطق باسم الخارجية الأمريكية بأن يرد بقوله: إن تكثيف العمليات العسكرية الروسية في سوريا، من شأنه أن يجبر مقاتلي "المعارضة المعتدلة" على الالتحاق بصفوف الجماعات المتطرفة، ليضع يده بذلك على نتيجة مؤداها أن سلوكيات الروس والأمريكان في سوريا والعراق، كما هي حال ممارسات أنظمة ديكتاتورية كالنظام السوري من شأنها أن تدفع الناس باتجاه التطرف والانحياز لجماعات العنف. التراشق الإعلامي الروسي الأمريكي يأتي تأكيدا لما قلناه من استخدام هذه الجماعات التي كورقة في يدي هذه القوى، ومشاريعها، حتى وإن نعتوها بأقسى وأقذر الألفاظ، وكانت هناك تحليلات ترى أن هناك تساهلا أمريكيا مع تنظيم الدولة الإسلامية في العراق، في مرحلة ما أو غضًا للطرف عنه حتى يتعملق بعض الشيء، فتكون هناك حاجة للقوى التي تحكم العراق لطلب التدخل الأمريكي في مكافحته، وذلك من أجل أن يعود الأمريكان من النافذة بعد انسحابهم من الباب بعد احتلالهم للعراق. وللتذكير فإن هذه القوى الدولية دعمت أو سكتت عن انقلابات ضد أنظمة منتخبة إبان ربيع الثورات العربي كما حصل في مصر، أو تغاضت عن تصرفات أنظمة ديكتاتورية بما في ذلك استخدامها لأسلحة محرمة وقبلها العنف المفرط ضد المحتجين السلميين كما في سوريا، وتواطأت على استمرار بقائها رغم قمع هذه الأنظمة لاحتجاجات كانت سلمية في بداياتها، والاستخدام المفرط للقصف والتدمير "سياسة الأرض المحروقة" كما تفعل روسيا طيلة عام كامل في سوريا منذ تدخلها، وهو ما يعزز ما يتهم الأمريكان به الروس حاليا من أن تصرفاتهم تدعم تحول المعتدلين في صفوف المعارضة إلى صفوف الجماعات المتطرفة. خلاصة الأمر إن حديث القوى الدولية عن جماعات التطرف والإرهاب في منطقتنا وتحديدا "تنظيم الدولة الإسلامية و"القاعدة" و"جبهة النصرة" حديث وراءه الكثير من الشبهات وحوله الكثير من التساؤلات الملغومة، حتى قبل أن يزايدوا على بعضهم في هذا المجال، أو يتبادلوا الاتهامات حول علاقتهم بهذه التنظيمات واستخدامهم بشكل مباشر أو غير مباشر في سياساتهم العدوانية والتوسعية والعنصرية.