14 سبتمبر 2025
تسجيلقدر لي أن أشد الرحال إلى مملكة تايلاند لكثر ما سمعت عنها من أهلنا في الخليج الذين يشدون رحالهم إلى تلك المملكة الآسيوية سنويا البعض منهم للتجارة والبعض الآخر للسياحة وآخرون للتطبب في مستشفيات تلك الدولة الكل يبحث عن ضالته فيجدها هناك دون عناء. كانت مملكة تايلاند تعرف في التاريخ باسم مملكة سيام حتى عام 1949 وهو يتركب من كلمتين وتعني " أرض الأحرار " لأنها الدولة الوحيدة في جنوب شرق آسيا التي لم تستعمر من قبل أي دولة أجنبية إلا أنها كانت تحت النفوذ البريطاني في سابق التاريخ. أغراني أحد الأصدقاء بإجراء فحوصات طبية شاملة طالما أنا هناك لأن الطب في تلك المملكة متقدم كما قال ويتميزون بسرعة في إنجاز الفحوصات وأنها غير مكلفة ماليا وأسهب صاحبي في وصف الطب والتطبب في هذه البلاد. والحق أنه أقنعني بكل ما قال وسلمت نفسي لمشرحة الطب. فوجدت سرعة في الإنجاز لا نظير لها في أي مؤسسة طبية سواء في دول الخليج العربي أو الأردن أو أي دولة عشت فيها كبريطانيا وأمريكا على سبيل المثال. أما من حيث التكلفة فليست متواضعة كما وصفت لي فإن لم تكن التكلفة كمثيلاتها في مستشفيات دول مجلس التعاون فهي ليست بعيدة عنها بفارق مغر ومميز. دخلت مستشفى بومنغراد يطلق عليه أهل الخليج العربي اسم المستشفى الأمريكي لإجراء الفحوصات الطبية اللازمة فلم أجد أي طبيب أو فني أمريكي في هذا المستشفى وإنما أطباء وفنيين وإدارة بكاملها من التايلنديين ويعود إطلاق التسمية إلى أنه مستشفى أمريكي إلى تردد بعض العسكريين الأمريكيين المنتشرين في تلك المنطقة من العالم للتطبب في هذا المستشفى، ولهذا أخذ التسمية. هذا المستشفى وجدته يعج بالمرضى العرب القادمين من دول الخليج العربي وهالني العدد منهم إلى الحد الذي تعتقد أنك في دولة خليجية ولا غير بكل أزيائهم رجالا ونساء، دفعتني هذه الظاهرة إلى تحديد موعد مع إدارة العلاقات الخارجية في المستشفى لمعرفة تفاصيل هذه الظاهرة فكان لي ما أردت. علمت أن هذا المستشفى موقع عقود مع حكومات خليجية لعلاج مرضاهم هناك وعلمت أن عدد المترددين على هذا المستشفى سنويا ما لا يقل عن 170 ألف إلى 180 ألف مريض من الخليج العربي وهناك ما يقدر بـ 20 ألف مريض يراجعون المستشفى سنويا بطرق غير منتظمة، بمعنى آخر فإن هناك ما يقدر بـ 200 ألف مريض من الخليج العربي يتعالجون في هذا المستشفى بمفرده علما بأن هناك مستشفيات أخرى يتردد عليها القادمون من الخليج. (2) تقدر التكلفة للفحوصات الطبية العامة الشاملة في المتوسط بمبلغ عشرة آلاف ريال قطري.أي أن تكلفة جميع المرضى القادمين من الخليج لإجراء الفحوصات العامة تقدر بـ 55 مليون دولار سنويا دون تكلفة العمليات الجراحية والأمراض المستعصية. السؤال الذي يجب طرحه في هذا المجال ما هي الصعوبات التي تواجه دولنا الخليجية مجتمعة أو متفرقة في تأسيس مستشفى متميز وتجهيزه بأحدث التجهيزات واستقدام أطباء مهرة في كل التخصصات وهيئة تمريض متميزة. مستشفيات أوروبا الغربية والولايات المتحدة الأمريكية وأستراليا وكندا وغير ذلك من الدول الغربية تعج مستشفياتهم بأمهر الأطباء العرب وأكثرهم تأهيلا إلى جانب الهيئة التمريضية وفنيي المختبرات الطبية فلماذا نعجز في استرداد تلك العقول المهاجرة. تطالعنا البيانات الرسمية في كل دولة خليجية بأنها حققت هذا العام فائضا في الميزانية وأن مجموع تلك الفوائض المحققة في الميزانيات في دول مجلس التعاون تقدر بأكثر من 170 إلى 200 مليار دولار. دول مجلس التعاون أنفقت الكثير من الأموال على إعادة بناء ما دمرته الحرب الأمريكية في أفغانستان وكذلك ما دمرته الحرب في العراق ودفعت أموالا طائلة لمساعدة اليمن الشقيق في عهد علي عبد الله صالح ومع الأسف ثبت بأن تلك التبرعات نهبت وتوزعها الأزلام في دول المصب ولم يستفد منها الشعب العراقي أو الأفغاني أو اليمني. هناك أموال طائلة رصدت للتسلح ولم نستطع دحر أي عدو وما برحت دول مجلس التعاون مهددة بحروب قاتلة وفي يقيني بأننا ما برحنا نحتمي بقوى أجنبية بمعنى آخر ما فائدة التسلح بهذه الأرقام الفلكية ما دمنا نعتمد على القوى الأجنبية لحمايتنا؟ ما قصدته من كل ما تقدم بأننا في هذه المنطقة من العالم قادرين ولدينا الإمكانيات المادية وغيرها من تأسيس صرح طبي كبير يكون قبلة لكل من يحتاج إلى التطبب من الداخل والخارج. لدينا القدرة بإنتاج أدوية بمواصفات عالمية وبأيد عربية قادرين على تأهيلها. لدينا بطالة عمالية تقدر 30% بين القوة القادرة على العمل نستطيع إعادة تأهيلها وإنزالها في ميادين الإنتاج والخدمات بعد التأهيل والتدريب في أحسن المراكز العالمية كما تفعل الصين اليوم وكما تفعل الهند أيضاً. آخر القول: الشعب في دول مجلس التعاون يريد تطوير المستشفيات وتحصينها من الفساد والمفسدين يريد التوسع في بناء المستشفيات حتى يكون لكل مريض سرير وزيادة عدد الأطباء المتخصصين وتخفيف العبء عنهم حتى يوفروا وقتا للأبحاث في مجال تخصصاتهم. نريد عقد مؤتمرات عالمية في مجال الطب في كل فروعه كل عام حتى يستفيد أطباؤنا من خبرات ومهارات أهل الخبرة والعلم والمعرفة.