18 سبتمبر 2025
تسجيلعاتبني أحد الأصدقاء الأعزاء فقال "لعوزتنا معاك يا علي" مرة تكتب كأنك تلقي محاضرة في الجامعة على طلبة، وتطلع لنا بعد أسبوعين بمقال يسولف عن الناس بأسلوب مختلف تماما عن الأول، واللي يقرا المقالين يقول الأسلوب الأول لمحاضر والثاني لمؤلف مسلسلات كوميدية" في إشارة منه الى ابتعادي عن الكتابة في المواضيع ذات الطابع العلمي والأكاديمي والتي كنت قد بدأت الخوض في غمار مواضيعها المختلفة منذ أن بدأت الكتابة على صفحات جريدة الشرق الغراء، وذلك إيمانا مني بضرورة نشر المعرفة والحوار الهادف ومناقشة القضايا التي تهم المجتمع منها، والتي على مدى اكثر من عام كنت قد تناولت تحليلها ودراستها ومحاولة تقديم الحلول من وجهة نظري العملية والعلمية المتواضعة، وفي حقيقة الامر كان هذا هو المنهج الذي اخترت ان اتواصل من خلاله مع القراء الأعزاء، وقد كان ولا زال دافعي للكتابة وهو محاولة نشر الثقافة والمعرفة والتركيز كذلك على مناقشة القضايا التي تهم مجتمعنا وتحليلها ومحاولة تقديم الحلول المناسبة والفاعلة لها، وقد يلاحظ المتابع لمقالاتي بأني انأى بنفسي عن الدخول في متاهات الانتقاد الغير مبرر للمواضيع التي أتناولها، فأحرص دائما على أن اناقش القضايا والمسائل بشفافية وتجرد، وأعرض مبرراتها واسبابها واقدم في نهاية المقال خواطري او خاطرتي عن قضية المقال، فتناولت في سلسلة من المقالات قضية القيادة كمفهوم وصفات وممارسات واستراتيجيات وآليات تطبيقها، وتحدثت أيضا عن مفهوم الوطنية وعن القيم الاجتماعية والتنمية المستدامة ومفاهيم الحرية وعن الصحة والسلامة المنزلية لكبار السن وغيرها من مواضيع مختلفة. ولكني خلال الفترة السابقة تعمدت ان ابتعد عن المقالات المعرفية والأكاديمية البحتة والتي قد تصيب بعض القراء بنوع من الملل والضجر، فتناولت حديث الساعة في مجتمعنا القطري بأسلوب قصصي حواري يناقش قضايا المجتمع المختلفة من خلال دراما كوميدية باللهجة المحلية قصدت ان استخدم فيها مفردات وتعابير قطرية وخليجية تراثية وشعبية إيماناً مني بضرورة المحافضة على هويتنا القطرية والخليجية وتعريف الجيل الجديد بمثل هذه المفردات اللغوية الشعبية الأصيلة، وقد لاحظت ان هذا النوع من السرد القصصي البسيط أكثر قبولا عند القراء الاعزاء من النهج السابق، فشجعني هذا الامر في الكتابة عن انتخابات مجلس الشورى وما يمكن أن يصاحبها من فعاليات وتطورات للمواقف واستشراف لتفاعلات افراد المجتمع من ناخبين ومرشحين لأحداثها، وكتبت كذلك عن معاناة وهموم المتقاعدين وعن أثر الاشاعة في المجتمع وغيرها من الاحداث المجتمعية المختلفة، وبالرغم من مشاعر السرور والفرح التي تنتابني عندما أرى ارتفاع عدد القراءات لهذه النوعية من المقالات الا انه ينتابني شعور بالحنين للعودة الى المقالات التي امارس فيها مهارات البحث والتقصي والتحليل والاستشراف والتي دائما ما اعتبرها المحرك لي للبحث والمعرفة وتوسيع المدارك في مختلف المجالات. وبعد هذا التقييم السريع لمشوار كتاباتي خلال اكثر من عام مضى، أرى انه ينبغي على الكاتب ان يوازن فيما يقدم لقرائه ومجتمعه ووطنه، وأن يستمر في النهج أو الأسلوب الذي يشعر انه يقربه اكثر للقراء بالأخص عندما يتناول قضايا الساعة في محيط مجتمعه، ولكن في نفس الوقت عليه ألا يتجاهل مهاراته الكتابية الأخرى فيجره "ادرينالين" نشوة النجاح والثناء على ما يكتب الى الابتعاد عن مجال خبراته ومعارفه العلمية والعملية. وختاما أقول، انه ليس من السهل في المقام الأول اختيار فكرة المقال ومن ثم تناولها بأسلوب محبب لجميع القراء فكما يقال رضا الناس غاية لا تدرك، ولكني بإذن الله وتوفيقه سأحاول أن أوازن بين ما أحب وما أعشق، وشكرا لك صديقي العزيز.