12 سبتمبر 2025
تسجيليوم الجمعة الماضي أكملنا تمام الخمسين عاما منذ الاستقلال المجيد لدولتنا الفتية التي نهضت في خمسة عقود فقط، ووصلت إلى ما وصلت إليه من تقدم وتطور ودولة حديثة بكافة مقاييس الدول المتقدمة التي باتت قطر من مصافها بشهادة العالم بأسره، نظرا للظروف السياسية التي تتصدر قطر الدور الأبرز فيها وإحلالها وسيطا نزيها في مجريات القضايا المعقدة التي تبوأت الدوحة فيها الدور الرئيسي، واستطاعت أن تجر سفن الخلاف المتمايلة في بحر الخلافات الهائج إلى بر الأمان بفضل توسطها لأمور الحل واستخدامها مجاديف التعقل في طرح أوجه الخلاف وطرق حله بصورة ترضي جميع الأطراف المتعلقة به،حتى عرف العالم قطر الدولة الوحيدة التي يمكنها أن يقبل بها المتخاصمون وسيطا والجلوس على طاولات الحوار في عاصمتها المتألقة الدوحة والاستماع لحوار العقل منها دون اعتراض يعزز من الخلاف أو يعقده. خمسون عاما وقطر تمضي نحو أهدافها المشروعة لها كدولة حرة ذات سيادة فبنت البلاد وأعزت العباد فباتت حلما لكل راغب بالعيش الرغيد والحياة الهانئة وبنت اقتصادا قويا لا يهتز مع تداعيات العالم والأزمات التي تحل به مرارا وتكرارا، وإن كان يتأثر بصورة طفيفة عن غيرها من الدول العظمى التي سبقت قطر تطورا وعمرانا وأصبحت توصف بحيتان الأسواق العالمية، وهذا لا يمكن أن نعزوه للحظ، ولكن بإرادة قيادة أبت إلا أن تجعل العالم يتمنى لو كان قطريا أو على الأقل يعيش في قطر مقيما ينعم بأسلوب حياة راقٍ يحفظ له كرامته كإنسان ويوفر له رزقه وأمن أهله وبيته. خمسة عقود متواصلة سعت قطر لرفعة البلاد من الداخل فوضعت خططا قصيرة المدى وأخرى طويلة المدى ليظل المجتمع القطري محافظا على الترتيب الأول في صدارة دول المنطقة، أو ما يعرف بالدول النامية التي لا أعتقد بأن بلادنا يمكن أن تندرج تحت هذا المسمى الهزيل الذي يتسم بمعيار منخفض لمستوى المعيشة التي تحتوي على قاعدة صناعية متخلفة وتحتل مرتبة منخفضة في مؤشر التنمية البشرية مقارنة بدول أخرى، كما لا ينبغي الخلط بين مصطلحي "الدول الأقل تقدما" و"الدول النامية" الذي انتقد هذا المصطلح من بعض الدول لأنه يستند إلى معايير غربية تتعمد الإشارة إلى بعض دول الشرق الأوسط ومنها الدول العربية بسبب تراجعها الاقتصادي والإنساني والسياسي، مقارنة بما يرى الغرب نفسه متفوقا على هذه الدول في المجالات المشار إليها سابقا، ذلك أننا في قطر سعينا بكل تفانٍ وكرم في الموارد المالية إلى بناء دولة قوية من الداخل يمكن أن تقف بصلابة في الأزمات التي تحل بها سواء المختلقة في الداخل أو الملقاة عليها من الخارج، والتاريخ يشهد على الصفعات الذي نالها كل من حاول المساس بالنسيج القطري الواحد باعتبار أن بناء الإنسان الوطني والواعي والمثقف لما يمكن أن يحاوله المتربصون من النيل في بلاده كان من أولويات بناء دولة تستثمر في الإنسان فيها قبل أن يمكن البحث عما يمكن أن تستفيد منه من مواطنيها ومقيميها. واليوم تحصد الدوحة ثمرات هذا الاستثمار الناجح في وجود مجتمع صلب أمام المتغيرات الهادمة التي لحقت بمجتمعات أخرى في المنطقة لهثت وراء ما يمكن أن يقدمه لها مواطنوها دون أن يهيئوا مواطنين قادرين فعلا على أن يعطوا ماهو مطلوب منهم لمجتمعهم، ولذا لا عجب أن بنت قطر في خمسة عقود متتالية؛ هذا المجتمع الذي وقف وقفة رجل واحد في أزماته التي حلت به وكان أشدها حصار قطر الذي لم يقدم للعالم سوى درسا واحدا هو تكاتف شعب واحد حول قيادة واحدة في وطن واحد لا يقبل القسمة على اثنين، وستمضي خمسون سنة قادمة بإذن الله ولن تروا بلادنا إلا كما هي عالية الشأن والقيم والمبدأ والطموح بحول الله وقوته وقدرته. [email protected] @ebtesam777