10 سبتمبر 2025

تسجيل

حلاوة وعذوبة .. مرة ثانية

05 سبتمبر 2015

عندما كتبت مقالى السابق تحت عنوان " حلاوة وعذوبة " كنت أهدف إلى تغيير النمط المعتاد فى المقالات من ناحية .. وإلى كتابة فقرة من مذكرات أحد الأشخاص من خريجى المدارس الحكومية يصف فيها روعة حدائق شبرا التى بناها الأجداد وحولها الأحفاد إلى غابات خرسانية قبيحة .. ولأبين كم هى جميلة تلك الفقرة من الناحية اللغوية وكيف أن الكاتب لم يلجأ إلى الزج بكلمات أجنبية برغم من تمكنه من اللغة الفرنسية حيث عاش فى فرنسا عدة سنوات وتلقى تعليمه العالى هناك. ولم أكن أتوقع هذا الكم من التعليقات التى وصلتنى حول هذا الموضوع عبر وسائل عديدة لعل أكثرها الفيسبوك والرسائل الإليكترونية فضلا عن المحادثات الهاتفية .. وأكثر هذه الآراء يتفق مع وجهة النظر التى طرحتها فى المقال والإقرار بحلاوة وعذوبة الفقرة المطروحة .. وهو ما أسعدنى حقا .. ولكننى لاحظت فى تعليقات بعض الأشخاص على الفيسبوك أنهم تناولوا الأمر بطريقة مبتسرة ومعكوسة قائلين أن هناك فوائد جمة للغات الأجنبية أيضا. ولهؤلاء الأحباء أقول أن لكل مقام مقال .. بمعنى أننى لو كنت أكتب فى مقام يتطلب أن يكون باللغة العربية فلا داعى مطلقا لإظهار معرفتى باللغات الأجنبية التى ندرك جميعنا أن هذه اللغات وخاصة اللغة الإنجليزية هى لغة العصر الحديث .. بمعنى أنها لغة العلوم والتكنولوجيا وأيضا الإقتصاد والتجارة والطيران والسياحة والسفر .. فضلا عن كونها لغة الكمبيوتر والدراسة فى الجامعات. ولهم أيضا أقول أن اللغات الأجنبية هى وسيلة الإتصال مع الشعوب الأخرى والتعرف على ثقافتهم .. يعنى هى التى تعطينا مفاتيح الثقافات العالمية وهى أداة التواصل بين الدول والشعوب . وحتى على المستوى الشخصى فقد أثبتت الدراسات التى أجراها العلماء فى دول كثيرة أن تعلم لغة أجنبية أو أكثر يعطى الفرد رصيدا مهما يضاف إلى المخزون الذهنى له ويعمل على توسيع المدارك ويسهل عليه تعلم وإكتساب مهارات أخرى لغوية وغير لغوية . كل ما سبق يعتبر قطرة فى محيط فوائد اللغات الأجنبية فى عصر العولمة وشمولية الثقافة .. وهو موضوع من الممكن أن أكتب فيه أنا وغيرى مقالات عديدة توضح هذه الفوائد ولكن ليس معنى هذا أن نهمل لغتنا العربية الجميلة التى نزل بها القرآن الكريم .. بمعنى ألا يكون هناك شئ على حساب شئ آخر .. تعلم اللغات الأجنبية ما شاء الله لك أن تفعل .. وكن على إستعداد للإستجابة لتحديات العلم الحديث والمعرفة التكنولوجية .. ولكن من العار عليك ألا تجيد لغتك الأم .. خاصة لو أخذنا فى الإعتبار هذا العدد الهائل من الطلاب الأسيويين والأفارقة الذين تبعثهم دولهم إلى الدراسة فى الأزهر الشريف فى مصر وإلى المعاهد الدينية المتعددة فى البلاد العربية .. ومعظم هؤلاء يتحدثون اللغة العربية الفصحى بطريقة سليمة خالية من الأخطاء التى يرتكبها معظمنا . وفى النهاية فإننى أحذر من الإنجراف مع تلك البدع الجديدة التى تظهر كل يوم وآخر على وسائل التواصل الإجتماعى مثل كتابة اللغة العربية بحروف أجنبية أو إختيار رمز أو صورة لكل حرف وتلك البدع لا يمكن أن ترقى لأن توصف بأنها لغة ولا يجب الإنجراف وراءها ويكفينا اللهجات المحلية وما أحدثته من بعد عن لغتنا الأم التى من المفروض أن توحدنا. وإلى لقاء جديد ومقالنا القادم بحول الله.