12 سبتمبر 2025
تسجيلمنذ أكثر من خمسة عشر عاما مضت، تجمعت قلوب كل الفلسطينيين حينها على مشاهدة المسلسل التركي الشهير سنوات الضياع، ولم يدرك حينها أن كلا منهم مشارك رئيسي في سنوات الضياع ذي النسخة الفلسطينية لاحقاً، مع اختلاف بسيط في مفردات اللغة، وعدد سنوات الضياع، والأدوار المطلوبة والمتباينة لكلٍ منهم، وكل مدرك طبيعة دورهِ وطرق إنجازه على أكمل وجه، فيما تميز أبطال الضياع الفلسطيني بالإقلاع عن أي حل ينهي الصراع سواء مع الإسرائيليين أو فيما بينهم، وكتبوا النهاية المأساوية بأيديهم، وجمهور اعتاد على الصبر واختاره نهجاً، وقيادة احتالت على الصمت واعتبرته نصراً..... فيما كانت الساعة التاسعة مساء منذ قرابة خمسة عشر عاماً، بمثابة ناقوس يدق في عالم الحب وشتى أنواعه، والغدر وأصنافه، والترابط الاجتماعي وألوانه، ووحد الكل الفلسطيني أينما كان وإن اختلف عنوانه.... ستون دقيقة لا جدال فيها لا تفكير، لا حُلم، لا خَيال بل أمنية متفق عليها ووحدت القلوب بكل ما بها وفيها... من شاهد هذا المسلسل الدرامي نبض قلبه وإن كان لم يحب في زمن لم يكن به عشق، وتعلم الوفاء والصدق، وتحرر من كل قيد وعتق. تجلت المشاعر تارة وسَكنت تارة أخرى، ومع مشاهد الإخلاص المثيرة، والترابط بين الأصدقاء، والتسامح بين الأحبة الأَجلاء، وأن الحياة لا تنتهي عند فراق شخص بعينه من بعد عناء، بل إن الحياة أجمل وما كتبه القدر أروع وإن كنا ذلك نَجّهَل... للأمانة مسلسل من الصعب تقديره بل أقل ما يمكن أن يقال عنه وباختصار أنه وحد القلوب من بعد عطوب... أما اليوم فهناك فيلم منافس مدته ٥٦ دقيقة فقط لا غير، للمسلسل التركي الدرامي الاجتماعي سنوات الضياع المكون من ٨٠ حلقة وكل حلقة مدتها ما يقارب ٨٥ دقيقة، المنافس الأقوى هو فيلم فلسطيني بعنوان كريم حراً ضرب بعرض الحائط سنوات الضياع لأسباب عدة: ١- بطل الفيلم هو ذاته حقيقة وتمثيلاً. ٢- ٥٦ دقيقة وصفت ٤٠ عاما مضت داخل مكان واحد الا وهو الأسر. ٣- قصة عبرت عن قضية رئيسية محورية وجوهرية تاريخية ألا وهي الأسرى الفلسطينيون داخل معتقلات الفاشية الإسرائيلية. ٤- النهاية لم تكن من اختيار المخرج ولا من اختيار الجمهور بل كانت من قوة وصبر وعزم البطل نفسه. فيلم كريم حراً حلق في سماء الإعلام العربي والدولي عالياً، لأنه حقيقة وواقع، وليس من وحي الخيال أو إبداع كاتب، كريم مجدداً وحد الفلسطينيين للمرة الثانية من بعد سنوات الضياع التركي.... ربما هناك أشخاص عاشوا ذات قصة الفيلم وإن اختلفت النهايات، ولكن من يستطيع الصمود في الأسر ٤٠ عاما متواصلة وإن تشابهت البدايات.. وليبقى البطل كريم يونس هو الكريم في عنفوانه وتضحياته، صدقاً هو من فاق عنتر بن شداد في شجاعته وأعنف ثوراته، هو الإضافة الجميلة في القضية الفلسطينية والاسم الأول في سجل الوطن ومجلداته..