15 سبتمبر 2025

تسجيل

الشباب الخليجي وريادة الأعمال

05 أغسطس 2018

بنية تشريعية لمساندة المشاريع الصغيرة أظهر استطلاع حديث أجراه "أصداء بيرسون- مارستيلر السنوي لرأي الشباب العربي" والذي غطى 16 بلدا عربيا وشارك فيه عدة آلاف من الشباب العربي، التحمس الشديد لدى الشباب الخليجي لريادة الأعمال حيث عبر 62% من المشتركين عن رغبتهم في إطلاق مشاريعهم الخاصة، وهو ما يؤكد الموقف الإيجابي إزاء ريادة الأعمال. وهذا الاستطلاع الذي يجرى للعام العاشر على التوالي يكشف عن عدة مخاوف لديّ وحقائق عن الشباب العربي، لكن الهاجس الأول الذي كشف عنه لديهم هو البطالة. وعندما كان الشباب الخليجي مطمئنا للتوظيف في الجهاز الحكومي قبل عشر سنوات وأكثر كان يعبر عن رغبته في شغل وظيفة حكومية مرموقة لأنها كانت تمثل ضمانة لمستقبله. أما اليوم ومع تفشي ظاهرة البطالة بين الشباب وعجز القطاعين العامين العام والخاص عن استيعابهم ضمن وظائف تلبي طموحاتها بل وحتى توفر التخصصات المناسبة لهم، فيبدوا أن البحث عن إطلاق المشاريع الخاصة هو بمثابة قارب النجاة لديهم، لكنه على كل حال توجه محمود يجب تشجيعه ورعايته من كافة الأطراف. وقبل عدة سنوات في عام 2014 أثار المنتدى الاقتصادي العالمي نفس التساؤل حول القدرة السحريّة لتعليم الشباب في دول المنطقة على ريادة الأعمال على حلّ جميع المشاكل والتحديات التي تواجهه، خاصة إن التوقعات، تشير إلى أن معدلات البطالة بينهم تعتبر من بين المعدلات الأعلى في العالم وتصل إلى نسبة 27.2%، علما بأنّ أكثر من نصف سكان في دول المنطقة تقل أعمارهم عن 25 عاما، وأنّ 2.8 مليون من الشباب يدخلون سوق العمل كل عام. إلّا أنّ التضخم السريع في نسب الشباب بين السكان ليس السبب الوحيد لارتفاع البطالة بينهم. فبحسب دراسة بعنوان "من التعليم إلى التوظيف" أجرتها مؤسسة ماكينزي، فإنّ أقلّ من نصف أرباب العمل الذين جرى مقابلتهم يؤكدون أنّ فرص العمل متوفّرة لكنّ الشباب لا يملك المهارات اللازمة لتعبئتها. هذه الحقيقة الذي يتمّ تداولها منذ سنوات دفعت لمراجعة هيكليّة وطرق التعليم القائمة في المنطقة وإلى التساؤل عن الدور الذي يجب أن تلعبه المدرسة والجامعة والحكومات أيضا في إعداد الشباب لسوق العمل.   في الجانب الآخر، فإن تطوير ريادة الأعمال الخليجية يتطلب قبل كل شي إيجاد بنية تشريعية على مستوى دول المجلس تسهم في خلق أرضية قوية وصلبة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة والاقتداء بالتجارب الآسيوية في إلزام المشاريع الكبيرة بتقديم عقود من الباطن بنسبة 60% للمشاريع الصغيرة والمتوسطة وفق قانون مفعل. وثانيا إيجاد هياكل مؤسسية محوكمة بشكل جيد تشرف على تطوير وتنفيذ برامج ريادة الأعمال مع نشر نماذج الحاضنات والمسرعات. كما أن هناك تحديات يجب تذليلها أولها يكمن في التمويل، ولابد من العمل على تعزيز المؤسسات والصناديق التي تقدم التسهيلات التمويلية.  كما لا بد من الاهتمام بتعميم ثقافة ريادة الأعمال من خلال التعليم وإدراجها في المناهج التعليمية والبرامج التدريبية، إضافة إلى تفعيل التعاون بين القطاع الخاص والحكومي لتسويق منتجات رواد الأعمال والمؤسسات من خلال المشتريات الحكومية وتعزيز عملية التسويق الداخلي.  وبالمحصلة النهائية، أن طبيعة التحديات الداخلية المتولدة عن جملة الإصلاحات الاقتصادية وترشيد النفقات وتباطؤ النشاط الاقتصادي والتي بدورها تولد مشاكل أهمها البطالة، عدى عن التغيرات المحلية والإقليمية تستلزم جميعها من دول المجلس إعادة هيكلة وتغيير اقتصادياتها من خلال زيادة مساهمة ريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة في الناتج المحلي التي تساهم حاليا فيه بأقل من نسبة 20% بينما هي تشكل 90% من الأنشطة الاقتصادية.