11 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); أصدرت مجموعة البنك الدولي والبنك الإسلامي للتنمية أول تقرير عالمي عن التمويل الإسلامي يتناول بالتفصيل آفاق صناعة التمويل الإسلامي العالمي والإمكانات التي يمتلكها للمساعدة في الحد من التفاوت في مستويات الدخل في جميع أنحاء العالم، وتعزيز الرخاء المشترك، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة. وعلاقة التمويل الإسلامي بالتنمية ليست بحديثة، ولكن المؤسسات الدولية ومنها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي اكتشفا هذه العلاقة مؤخرا خاصة بعد الأزمة العالمية 2008، حيث تعرضت المؤسسات المالية التي كانت تتاجر في المنتجات الوهمية لانهيارات وخسائر جسيمة بعكس المؤسسات المالية، خاصة الإسلامية التي كانت تتعامل في منتجات مرتبطة بأصول حقيقية. وقد تقاربت العلاقة بين التمويل الإسلامي والتنمية من صلب تطور مفهوم التنمية نفسه في الأدبيات العالمية. فقد جرى تعريف التنمية الاقتصادية منذ مطلع الستينيات بأنها العملية التي يتم بواسطتها، في بلد معين، تزايد مطرد في متوسط الدخل الحقيقي للفرد عبر فترة طويلة من الزمن. وبذلك نجد أيضًا أن النمو الاقتصادي يعني وجود اتجاه مستمر غير متأرجح لنمو نصيب الفرد من الدخل عبر فترة طويلة من الزمن. إلا أن هذا المفهوم المبسط للتنمية أثبت فشله الذريع حينما باتت العديد من دول العالم تشهد نموًا اقتصاديًا مضطردًا تزامن معه زيادة الأغنياء غنى والفقراء فقرًا. فلقد بات من الواضح أن النمو الاقتصادي بحد ذاته لا يحقق التنمية بمفهومها الاجتماعي حينما لا تتزامن معه أي أهداف وآليات تطال الشرائح الأوسع في المجتمع. من هنا بدأت الأمم المتحدة ومنذ الثمانينيات بوضع تعريفات جديدة للتنمية باعتبارها عملية حضارية مستدامة وحقًا من حقوق الإنسان، حيث تعتبر "التنمية الشاملة عملية مجتمعية واعية ودائمة (sustained) من أجل إيجاد تحولات هيكلية وإحداث تغييرات اجتماعية واقتصادية تسمح بتحقيق تصاعد مطرد لقدرات المجتمع المعني وتحسين مستمر لنوعية الحياة فيه". وقد تم، أخيرا، التأكيد على عناصر تعريف مصطلح التنمية الشاملة – السابق ذكره – عندما أطلق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي مصطلح التنمية البشرية على عملية التنمية المرغوبة، وعرفها بأنها "عملية توسيع نطاق الخيارات المتاحة للناس وتمليك القدرات". وهكذا نلاحظ أيضا أن مفهوم التنمية السليم التصق بتنمية الاقتصاد الحقيقي والإنسان نفسه من خلال تملكيه القدرات اللازمة للعمل والإنتاج، وهو بالضبط ما تعنى به نظريات التمويل الإسلامي. لذلك قلنا إن كلا مفهومي التمويل والتنمية بمضامينهما الحديثة اقتربا أكبر من أي وقت مضى بالتعريف الإسلامي لهما. وينوه تقرير البنك الدولي إلى المجالات التي تقتضي التدخل على صعيد السياسات لتطوير فعالية التمويل الإسلامي في خدمة التنمية، ومنها تعزيز الانسجام بين اللوائح التنظيمية وتطبيقها وفرضها وإنشاء مؤسسات تقدم المعلومات الائتمانية وغيرها لدعم التمويل المستند إلى أسهم رأس المال، لاسيَّما مؤسسات الأعمال الصغرى والصغيرة والمتوسطة وتطوير منتجات أسواق رأس المال والصكوك للمساعدة في تمويل المشاريع الكبيرة في مجال البنية الأساسية. لكن مما يتوجب قوله في ختام هذا المقال إننا لن نكون دقيقين في الحديث عن تعاظم دور التمويل الإسلامي في التنمية الاقتصادية دون وجود اقتصاد إسلامي بالمعني السليم المتعارف عليه أكاديميا. فاقتصادات كل دول العالم اليوم تقريبا، بما في ذلك اقتصادات الدول الإسلامية، تقوم على مزيج من النظريات والفلسفات الاقتصادية. وفي ظل هذه الحالة، فإن التمويل الإسلامي لا يزال يفتقد التلاقح الصحيح مع مشاريع وأنشطة تحقق الاستفادة الأكبر منه في تعظيم المنفعة الاجتماعية والاقتصادية للمجتمع.