11 سبتمبر 2025
تسجيلفقدت البورصة الصينية خلال شهر يوليو الماضي أكثر من 40% من قيمتها، وخسر رأس مالها السوقي ما يزيد عن أربعة تريليونات دولار أمريكي بما يمثل حوالي 150% من إجمالي الناتج المحلى البريطاني ونحو 400%من إجمالي الناتج المحلى لليونان، وهى البورصة التي طالما أشاد بها جموع الخبراء والمتخصصين وصنفوها بأنها أفضل بورصة على مستوى القارة الآسيوية.. ومما يزيد من غرابة الأمر أن هذا الانخفاض قد تحقق بعد ارتفاعات سابقة بلغت نحو 110% خلال الفترة من نوفمبر 2014 حتى يونيو 2015، مما دفع السلطات الصينية إلى اتخاذ العديد من الخطوات الهامة غير المسبوقة لمحاولة إيقاف هذا الانهيار من خلال دعمها لأنشطة البورصة وسوق الأسهم والعمل على تعزيز النمو والسماح بتخفيض أسعار الفائدة. ويرى الكثير من الخبراء أن السبب المباشر في تراجع مؤشرات البورصة وسوق المال الصينية إنما يكمن في انتشار ظاهرة التمويل بالهامش والذي يطلق عليه البعض "البيع على المكشوف" والقائم على فكرة سداد نسبة ضئيلة من قيمة الأسهم والأوراق المالية المشتراة على أن تقوم شركة السمسرة بسداد بقية الثمن من خلال تمويل وإقراض العميل بهذه القيمة واحتساب فوائد مدينة "مرتفعة نسبياً" على هذا المبلغ المقترض أو المكشوف، لذا يُرجح هؤلاء الخبراء أن تظل هذه الأسهم تحت ضغط دائم طالما استمرت رغبة المستثمرين في تصفية أصولهم وأسهمهم التي سبق شرائها بأموال مقترضة. ومن الجدير بالذكر أنه قد دخل إلى البورصة الصينية أكثر من 40 مليون مستثمر جديد خلال هذا العام وأن الغالبية العظمى منهم يتعاملون مع البورصة من خلال نظام التمويل بالهامش " على المكشوف" والذين خسروا الكثير من أموالهم نتيجة لزيادة قيمة الفوائد المدينة المرتبطة بالاقتراض عن الأرباح المتحققة بالبورصة، ويرى البعض الآخر من الخبراء والمحللين أن سبب تراجع وانهيار البورصة الصينية يعود إلى حالة الضعف الكامن في مزاج المستثمرين تجاه السوق والاقتصاد الصيني على حد السواء . وبعيداً عن الأسباب والمسببات فقد وجدت الحكومة الصينية أن البورصة تنهار وأن الأسهم قد فقدت أكثر من أربعة تريليونات دولار من قيمتها، وأنه يجب سرعة التدخل لإنقاذ الموقف وإيقاف ذلك الانهيار لأن مصداقيتها محلياً وعالمياً أصبحت على المحك، لذا كان عليها ضرورة إصدار مجموعة من الإجراءات تكون كفيلة بتحقيق ذلك وفى مقدمتها حظر عمليات البيع على المكشوف باستثناء مبيعات كبار المساهمين، وتقديم البنك المركزي الصيني للمزيد من القروض لشركات السمسرة والتي بلغت نحو 16 مليار دولار مقسمة على دفعتين، كما جمدت السلطات الصينية عمليات الطرح العام الأولى وحثت صناديق الاستثمار التابعة للدولة على استثمار الجانب الأكبر من أموالها في الأسهم وصناديق المؤشرات بهدف تحسين وتعزيز المستوى العام للمؤشر. وبدأت هذه الجهود والتدخلات الحكومية الصينية المبذولة أن تؤتى ثمارها في بداية الأمر ، وظهرت آثار التعافي على البورصة لمدة ثلاثة أسابيع ارتفع مؤشر بورصة شنغهاي خلالها بنسبة 16% من أدنى مستوياته التي سجلها في أوائل شهر يوليو الماضي.... إلا أن هذا التدخل لم يرض الكثير من المستثمرين الدوليين، الذين انتقدوا هذا التدخل وبصفة خاصة ذلك القرار الحكومي الذي سمح لما يزيد عن نصف الشركات المدرجة من إيقاف تداول أسهمها بالبورصة. وأكد العديد من الخبراء أن وضع البورصة الصينية أصبح متأزماً للغاية، وما لم تفعل الحكومة شيئاً سريعاً فسوف تضيع كافة جهودها السابقة كما يؤكدون في نفس الوقت على أن استمرار الحكومة في استكمال جهود الإنقاذ سوف يزيد من حدة الأزمة ويزيد من تضخمها، وعللوا ذلك بأن منظمي السوق الصينية لا يحترمون القواعد الأساسية الحاكمة لهذه السوق، وأصبح المتعاملون في السوق يتوقعون تدخل الحكومة وضخها للمزيد من التمويل في السوق في كل مرة و أي مرة تتهاوى فيها الأسهم أو البورصة. فيما يرى بعض المتشائمين أن الأسهم الصينية مرشحة للانخفاض خلال الأسابيع الثلاثة المقبلة بما لا يقل عن 14% مبررين ذلك بتشابه الوضع الحالي للبورصة الصينية مع وضع البوصة الأمريكية في أوائل عشرينات القرن الماضي، حين ارتفع مؤشر داو جونز الصناعي الأمريكي لمدة خمس سنوات متتالية قبل انهيار الأسهم في عام 1929 ثم والى المؤشر الارتفاع السريع حتى سبتمبر من نفس العام، قبل أن يعاود الانخفاض من جديد في شهر ديسمبر بنسبة بلغت 48,3%، ومن خلال نظرية المحاكاة والربط بين البورصتين الصينية والأمريكية رغم مرور سنوات عديدة فهم يؤكدون على صحة نظريتهم وذلك على الرغم من كافة الجهود التي تبذلها الحكومة الصينية لإنقاذ الموقف.