11 سبتمبر 2025
تسجيلحثت الشريعة الإسلامية، منذ نزول الرسالة المحمدية على حُسن اللباس والمظهر، حيث ورد في السنة النبوية قول النبي صلى الله عليه وسلم «أصْلِحُوا رِحالكُم وأصْلِحُوا لِباسكمْ حَتى تَكُونوا كَالشامةِ في النَّاس» (رواه الإمام أحمد)، ويُعد المجتمع القطري – ولله الحمد – من أكثر شعوب المنطقة حفاظاً على اللباس اللائق والعاكس لهويته الوطنية، حتى أصبحنا نسمع في كثير من الأحيان اندهاش وإعجاب الأخوة العرب، بالمظهر العام للشعب القطري. وأخذاً بما أمرت بهِ الشريعة الإسلامية وسار عليه عُرف المجتمع القطري، فرض قانون الموارد البشرية – والذي يُعد الشريعة العامة التي تحكم حقوق وواجبات الموظف العام – على الموظف العام المحافظة على كرامة الوظيفة والظهور بالمظهر اللائق بها وذلك بصريح نص (البند الرابع من الفقرة الأولى من المادة 79) من قانون الموارد البشرية. اعتباراً بأن الموظف العام، لا يُمثل نفسه داخل الوظيفة، وإنما يُمثل المظهر المدني للدولة، ويتضح أن المعيار الذي أخذ به قانون الموارد البشرية معيار موضوعي مرن بقوله «.. الظهور بالمظهر اللائق ..» بحيث يجعل للموظف حرية الاختيار في حدود المظهر اللائق، وبطبيعة اللباس القطري فهو يكاد يكون موحدا، إذ أن الثوب والغترة والعقال، يعدون اللباس الوطني والرسمي، ويبقى الاختلاف البسيط في شكل (ياقة العنق) و(كُمْ الثوب) (ولون الغترة) وهي بالمناسبة اختلافات، لا تُخرج اللباس من دائرة الرسمية، بل يبقى اللباس رسمياً ولائقاً. إلا أن هذا المعيار على ما يبدو ليس وافياً بالغرض في عين التعميم رقم (13) لسنة 2024، وهو تعميم صدر من قِبل وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء، يوصي الأجهزة الحكومية والهيئات والمؤسسات العامة باتخاذ اللازم لتقييد موظفيها وفق ضوابط خاصة وردت برفق التعميم. وأتت هذه الضوابط بزي رسمي بشكل محدد على سبيل الحصر، فلا اختلاف، بل لا مكان للاختلاف في نموذج هذا الزي المطروح، وإن كان الباعث على هذا التعميم هو ضبط وانضباط مظهر الموظف العام، إلا أن بعض هذه الضوابط (ياقة العنق، كُمْ الثوب، لون الغترة) فيها شيءٌ من التكلف والتكليف المُجهد، خصوصاً وأنهُ كما ذكرنا بأن الزي القطري يمتاز بالرسمية رغم الاختلافات البسيطة في الاذواق والتي لا تُخرجه من طابع الرسمية. ودون خوض من قِبلنا في مشروعية هذا التعميم من حيث الصفة أو الاختصاص، نجد أن هذا التعميم من حيث موضوعه قد تطرق لِما فضل المشرع تركه للذوق الخاص، وكان يُستحسن لو أن التعميم اكتفى بتوصياته بشأن بروتوكول ألوان البشت القطري، وحظر ارتداء (الحذاء الرياضي مع الثوب) دون تحديد وتقيد لمعالم الثوب ولون الغترة.