15 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); مضت نحو خمسة أعوام على قيام لجنة خليجية عالية المستوى مشكلة من رؤساء هيئات الأسواق المالية بوضع خطة عمل اللجنة الوزارية ضمن برنامج زمني لتحقيق التكامل بين الأسواق المالية بدول المجلس، حيث شرعت اللجنة في تنفيذ مهامها بتشكيل ستة فرق لهذا الغرض، حيث عقدت هذه الفرق عدة اجتماعات لها وحققت العديد من الخطوات الملموسة إلا أن تحقيق التكامل بين الأسواق المالية الخليجية أمامه شوط بعيد كما يبدو.ومنذ انخفاض أسعار البترول قبل نحو تسعة شهور والبورصات الخليجية تشهد تقلبات حادة بين ارتفاع وانخفاض مع خسائر ملحوظة لا يمكن تبريرها بما يحدث في أسواق النفط خاصة أن تأثير انخفاض النفط يفترض أن يأخذ طريقه للتأثير على أسواق الأسهم بصورة غير مباشرة، ويفترض أيضا في المدى المتوسط. لذلك يتأكد القول إن تأثير انخفاض النفط على أسواق الأسهم هو تأثير معنوي وسيكولوجي أكثر من أن يكون تأثيراً فعلياً أو ماديا، وإن سببا رئيسيا للتراجعات المعنوية هو حاجة هذه الأسواق إلى عمق أكبر لا يتحقق إلا من خلال تكاملها في سوق واحدة، حيث يناهز مجموع قيمها السوقية نحو 800 مليار دولار. ومما لا شك فيه أيضا أن مطلب توحيد البورصات الخليجية يعود لسنوات طويلة، لذلك، فقد باتت تقف وراءه الكثير من المحركات، ليس أولها متطلبات تفعيل قيام السوق الخليجية المشتركة ولن يكون آخرها الأزمة العالمية الراهنة وتراجع أسعار النفط، وما يستدعي معالجتها خليجيا، من تحشيد للقوى المالية والاستثمارية وفتح قنوات الاستثمار في الأنشطة الاقتصادية كافة خليجيا أمام المستثمرين ورجال الأعمال والمتعاملين لضخ مزيد من أموال القطاع الخاص لبرامج التنمية.إن قيام السوق الخليجية المشتركة مطلع العام 2008 قد أطلق العنان لتحرير عناصر الإنتاج والاستثمار – وهي القاعدة المادية – لتوحيد البورصات الخليجية – إلا أن القاعدة الفنية ( أنظمة التسويات والمقاصة والإيداع) والقاعدة التشريعية (مساواة التعامل مع أدوات وأطراف وأجهزة السوق وشكل التعاون والتنسيق تشريعيا) جميعها أمور هي بيد الهيئات المسئولة عن البورصات نفسها..إلا أن قيام السوق المشتركة لا يعني تلقائيا توحيد البورصات كما هو واضح من تجربة الاتحاد الأوروبي، خصوصا أن البورصات هناك هي مؤسسات خاصة تهتم أساسا بتنظيم التداول في السوق بينما توكل قضايا التشريع والرقابة والإصدارات الأولية لهيئة البورصة التي لها كيان مستقل وقوي. لذلك، فإن تلك البورصات – أي الأوروبية – قد لا تتحدث عن توحيد وإنما عن اندماج أو شراء أو غيره من الخطوات الموجهة بعوامل الربح والخسارة. إن دول المجلس اعتادت للنظر في تجارب الاتحاد الأوروبي في مجال التكامل المالي، حيث توضح هذه التجارب أن توحيد البورصات – بما تعنيه من توحيد عمليات الاستثمار (حرية الاستثمار في الأدوات المالية)، وتوحيد لاعبي السوق (حرية عمل أو قيام شركات مشتركة بين سماسرة وصانعي السوق ومديري الاستثمار والمستشارين وغيرهم)، وتوحيد أنظمة السوق (المقاصة والتسويات والإيداع) وتوحيد التشريعات (الشكل القانوني للتوحيد ودور البورصة الموحدة وتوحيد التعامل مع الأدوات المصدرة وتشريعات الإصدار والإفصاح والتداول وغيرها)..إن التوحيد بهذا المعنى لن يتم إلا بعد قيام السوق المشتركة، لأن قيام هذه السوق ينطوي تلقائيا على تحرير عناصر الإنتاج والاستثمار وهي تمثل القادة المادية لتوحيد البورصات. وقد جرت عدة محاولات لدمج أو توحيد البورصات الأوروبية لكن لم يكتب لها النجاح لحد الآن على الرغم من أن المسئولين والاقتصاديين الأوروبيين يعترفون أن ذلك يشكل تقصيرا في استثمار الاتحاد النقدي، كما أنه معوق لتفعيل الاتحاد النقدي كذلك. وبدأت جهود توحيد البورصات الأوروبية بالتكثف ابتداء منذ عام 2000 أي بالتزامن تقريبا مع الاتفاق على الوحدة النقدية وقبيل إصدار العملة الموحدة عام 2002. وهو ما يشير إلى السعي لجعل توحيد البورصات إحدى الخطوات التي سوف تسهل الوحدة النقدية. وكان الحافز الرئيسي لذلك هو الحالة المجزأة للبورصات الأوروبية مما يظهرها في صورة القزم أمام البورصات الأمريكية. وقد كانت أشهر تلك المحاولات توحيد البورصتين الألمانية والإنجليزية حيث استمرت المفاوضات بينهما عامان تبادلا خلاله كافة الاتهامات بعدم المرونة سواء من حيث أنظمة التداول أو التشريعات.ولا شك أن التوحيد التشريعي يلعب دورا رئيسيا لأن الوحدة النقدية تخفف أو تزيل مخاطرة تقلب العملات في الاستثمار عبر البورصات الموحدة إلا إنها لا تزيل مخاطرة البلد نفسه. كما يضيف عوامل أخرى كمعوقات للتوحيد مثل البناء المؤسسي للبورصات وتفاوت الثقافات والمفاهيم. وقد أثبتت تجارب التنسيق بين البورصات في جنوب آسيا أن هذا التنسيق يتطلب توفر عدة شروط ومستلزمات منها التقارب بين قوى السوق وخلق بيئة محفزة وخاصة السياسية والاقتصادية والتوافق الاجتماعي – الاقتصادي في الثقافة والمفاهيم وتنسيق الهيئات واللوائح التشريعية على أن يتم توحيدها لاحقا، كذلك إيجاد إطار مؤسسي فاعل يحكم ويدير عملية التوحيد وتنسيق وتوحيد أنظمة السوق مثل المقاصة والتسويات والإيداع ولوائحها مثل متطلبات الإدراج والتداول والإفصاح وغيرها.