31 أكتوبر 2025

تسجيل

خلق الإنسان عجولاً!

05 يوليو 2015

من خصائص الإنسان أنه خلق عجولاً، وهناك الكثير من الآيات الكريمة في كتاب الله القرآن الكريم تصف الإنسان بالعجل، يقول الله عز وجل "ويدعُ الإنسان بالشر دعاءه بالخير وكان الإنسان عجولاً" "سورة الإسراء والآية الثانية من سورة الأنبياء"، يقول الله عز وجل: (خلق الإنسان من عجل سأريكم آياتي فلا تستعجلون)، و(خلق الإنسان من عجل) أن العجلة هي طلب الشيء في أوانه، فالإنسان يريد أن يتحقق ما يصبو إليه في الوقت الذي يريده وبالشكل الذي يرضيه، إذا لم يتحقق له ذلك فإنه يكون متذمراً ساخطاً وقد يسيء إلى غيره ويسبب المشاكل لأن ما أراده لم يتحقق في الوقت المطلوب، ويستعجل الأمور خيرها وشرها وقد يكون ما استعجله فيه الضرر، وهو لا يدرك أن كل شيء بإرادة الله وقدره، وأنه إذا ما ارتقى إلى الله فهم أن المولى تعالى سوف يحقق له ما أراد إن كان خيراً لأنه لا يريد بالعبد الشر، وقد يكون ما استعجله الإنسان فيه هلاك، وهناك الكثير من الأحداث التي تدل على ذلك، فالشاب الذي غضب من أمه لأنها لم توقظه في الوقت المناسب للذهاب للمطار، مما أضاع عليه السفر، أدرك أن ذلك التأخير قد أنقذه من الموت الذي لحق بكل ركاب الطائرة!وقد نستعجل الشفاء لمريض طال مرضه، وصعب شفاؤه وهو في انتظار الفرج، وقد يتذمر الأهل والأصدقاء، بل قد يصبون غضبهم على الطاقم الطبي وقد يغيرونه بتغيير المستشفى أو السفر للخارج بغرض العلاج وسرعته، ويكون في ذلك ضرر على المريض بل قد تزداد حالته سوءا ويطول العلاج، فهؤلاء لو صبروا وتأنوا لكان الفرج.وها هو ذلك الإنسان الذي انتظر أكثر من سنة ونصف السنة لكي يجد متبرعا له بالكبد وظل الأهل يتساءلون عن مدى كفء الطاقم الطبي الذي يعالجه وضرورة نقله لبلد آخر للعلاج، والأسرة كانت في قلق متواصل على المريض، يأتي الفرج ويجد المتبرع الذي يعطيه الجزء المطلوب، وذلك بعد أن أدرك الأهل والأصدقاء أن الارتقاء إلى الله والإيمان بقدرته تعالي على تحقيق ما نريد ولكن في الوقت المناسب والصبر على البلاء والمواظبة على الدعاء بإلحاح قد جاء بهذه النتيجة التي أسعدت الكل، والحمد لله عليها، فالصبر والتأني يوصلان إلى الفرج والسلامة.إن الإنسان لا يرقى عند الله عز وجل إلا إذا دفع الثمن، وقد يكون الثمن أحيانا أن تخالف طبعك، فللإنسان طبع، فإذا استطعنا تغيير طبعنا العجول إلى المؤمن الموقن بالله عز وجل وقدرته والصابر المتوكل، نكون قد وصلنا إلى قمة الإيمان بالله تعالى.