14 سبتمبر 2025

تسجيل

قرار يطالب المعلمين بإخلاء مساكنهم

05 يوليو 2012

ثلاث مؤسسات في الدولة يجب أن تحظى باهتمام بالغ من قبل النظام السياسي وكذلك المجتمع على وجه العموم، الاهتمام بتلك الجهات يقود الدولة إلى أعلى مراحل الأمن والاستقرار ويرفع من شأن الأداء الوظيفي لكل فرد من أفراد تلك المؤسسات الأمر الذي يدفع بالدولة إلى مصاف الدول المتقدمة. سأورد تلك الجهات حسب ترتيب أهميتها عندي ومدى فاعليتها وما قد يترتب على الدولة في حالة الإخلال بتلك المؤسسات: أولا ــ مؤسسات التعليم، يعتبر التعليم ومؤسساته حجر الزاوية للأمن الوطني والاستقرار السياسي والاجتماعي وعندما يختل أمر تلك المؤسسة ولو بأوهن العلل فإن ذلك سرعان ما ينعكس على المجتمع برمته الأمر الذي يؤدي إلى كثرة الشائعات التي تنخر المجتمع وتشكك في الولاء والانتماء للوطن والنظام السياسي على حد سواء. إن عضو هيئة التدريس سواء في التعليم العام أو التعليم الجامعي إذا لم يشعر بالأمن الوظيفي فإنه سرعان ما ينشغل بالبحث عن طرق لتعظيم دخله في أقصر فترة زمنية كي لا يكون عرضة للمفاجآت الأمر الذي يؤدي إلى التأثير على الأداء الوظيفي وتعظيم معارفه العلمية مما ينعكس على التحصيل العلمي للطلاب سلبا أو إيجابا والذي هو بدوره عماد التنمية المستقبلية للدولة. ما دفعني لتناول هذا الشأن هو ما تناقلته وسائل الإعلام الصحفية الصادرة هذا الأسبوع " تعميم يطالب المدرسين العاملين بالمدارس المستقلة من غير القطريين بترك سكنهم الحكومي..... " وذكرت الصحافة أن التعميم أشار إلى أن المعلم الأكاديمي المتزوج يتقاضى بدل سكن يقدر بمبلغ 6 آلاف ريال فقط على أن تقيم أسرته معه عن فترة لا تقل عن ستة أشهر، أما المعلم الأعزب فإن سكنه قدر بمبلغ 3 آلاف ريال شهريا وليس له الحق في استقدام زوجته، والسؤال الواجب طرحة، هل المشرع الذي حدد إيجار السكن بهذه المبالغ يعلم مستويات الإيجارات في الدولة ؟ وهل أخذ في اعتباره تكلفة الماء والكهرباء التي يتحملها غير القطريين؟ وهل عنده سلم المرتبات الشهرية لهؤلاء المعلمين الأفاضل؟ وهل يعلم مستويات أسعار السلع الاستهلاكية اليوم؟وهل يعلم تكلفة الدراسة المدرسية للطفل الواحد والتي سيدفعها المعلم غير القطري لتعليم أولاده في مدارس يملكها مواطنون ؟ السؤال الأهم والأعظم هل المشرع أخذ في اعتباره أن المعلم تحت هذه الظروف لن يتمكن من أداء واجبه كما يجب لأنه مهموم بأعباء الحياة وأنه بعيد عن أسرته وأطفاله بينما الموظف من الجالية الآسيوية يعيش مع أسرته كاملة في البلاد وأنه يستطيع أن يشارك عائلة أو اثنتين في شقة صغيرة يتشاركون في تكلفة الإيجار بينما المعلم العربي لا يستطيع ذلك تحت أي ظرف من الظروف، هل يعلم المشرع صاحب هذا التشريع أن تحويلات العمالة الآسيوية من دول مجلس التعاون تزيد عن 40 مليار دولار سنويا والسبب في ذلك قلة إنفاقهم في هذه الدول ومنها قطر بينما العمالة العربية خاصة من ذوي " الياقة البيضاء " ينفقون جل دخولهم في بلد الإقامة فلماذا التقتير على هؤلاء الجنود العاملين في ميادين التعليم. إننا نعلم حق العلم مكانة المعلم / المعلمة عند سمو أمير البلاد المفدى الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني وأن سموه ضرب أروع الأمثلة في التعبير عن مكانة المعلم عندما سافر إلى القاهرة خصيصا ليقدم العزاء ويشارك في مراسيمه في وفاة أحد المعلمين الذين عملوا في سلك التعليم في قطر، ليس ذلك فقط فسموه ما برح رغم مشاغله في إدارة الدولة يستقبل بشكل فردي الكثير من المعلمين الذين عرفهم عندما كان طالبا في التعليم العام ويشملهم برعايته ولدي أمثلة كثيرة في هذا المجال. إننا في حاجة ماسة إلى إعادة الاعتبار للمعلم / المعلمة ونتعامل معه " كرسول " لا كأجير قادم إلينا من أجل الاسترزاق يجب أن نتعامل معهم بما يليق بمكانتهم. إنها مصالح متبادلة بين المعلم والمجتمع، أعطني علما أعطك حبا وتقديرا واحتراما وأغنيك عن السؤال. عشتم وحفظكم الله يا آباء وأمهات آبائنا وبناتنا العاملين بالتعلم. المطلوب من صانع القرار أن يشمل برعايته الكريمة هؤلاء المعلمين في سلك التعليم من إخواننا العرب فهم حماة عقول وقلوب وأفئدة أولادنا وبناتنا من الانحراف، إنهم قادرون على غرس روح الوطنية والانتماء والولاء للوطن والنظام السياسي إن أحسنا التعامل معهم وأشعرناهم بأهميتهم ومكانتهم، ونرجو من وزير التعليم إصدار توجيهاته بالعودة عن ذلك القرار آنف الذكر بما يعود بالنفع للمعلم ذكرا كان أم أنثى وكل ذلك من أجل أمن وسلامة وطننا الحبيب قطر. ثانيا وثالثا ــ الجيش ورجال الأمن، إن مخرجات التعليم الجيد لكل من أراد الانتساب إلى القوات المسلحة والأمن سيمكن هؤلاء الرجال من أداء واجباتهم الوطنية عن قناعة مطلقة لأن التعليم الجيد عن طريق المعلم / المعلمة قد غرس فيهم حب الوطن وجذر عندهم حب الانتماء والتفاني للحفاظ على الأمن وحماية الحدود بجدارة بالغة، ومن هنا نقول إن واجب الاهتمام بأعضاء هيئة التدريس بمن فيهم إخواننا العرب الذين يعملون معنا في سلك التعليم ضرورة أمنية وطنية واجبة الاهتمام. آخر القول: إن الله حبانا بالمال الوفير ورزقنا أميرا وآل بيته يحبون العلم ويحرصون على تعميمه وتوسيع دائرته، وينفقون بسخاء في سبيل العلم ويحترمون المعلم / المعلمة فلا تبخسوهم حقهم يا معشر الإداريين والمشرعين.